لكن قال الحوفي : إن النصب أجود لمطالبة حروف الجر للأفعال أو معانيها واختار في البحر كون الإشارة إلى الرؤيا المفهومة من رأي أو الرأي المفهوم وقد جاء مصدر الرأي كالرؤية كما في قوله : ورأى عيني الفتى أباكا يعطي الجزيل فعليك ذاكا والكاف في موضع نصب بما دل عليه قوله سبحانه : لو لا أن رأى إلخ وهو أيضا متعلق لنصرف أي مثل الرؤية أو الرأي يرى براهيننا لنصرف إلخ وقيل غير ذلك ومما لا ينبغي أن يلتفت إليه ما قيل : إن الجار والمجرور متعلق بهم وفي الكلام تقديم وتأخير وتقديره ولقد همت به وهم بها كذلك لو لا أن رأي برهان ربه لنصرف عنه إلخ ولا يخفى ما في التعبير بما في النظم الجليل دون لنصرفه عن السوء والفحشاء من الدلالة على رد من نسب إليه ما نسب والعياذ بالله تعالى .
وقرأ الأعمش ليصرف بياء الغيبة وإسناد الصرف إلى ضمير الرب سبحانه إنه من عبادنا المخلصين .
24 .
- تعليل لما سبق من مضمون الجملة بطريق التحقيق والمخلصون هم الذين أخلصهم الله تعالى واختارهم لطاعته بأن عصمهم عما هو قادح فيها والظاهر أن المراد الحكم عليه بأنه مختار لطاعته سبحانه ويحتمل على ما قيل : أن يكون المراد أنه من ذرية إبراهيم عليه السلام الذين قال فيهم جل وعلا : إنا أخلصناهم بخالصة .
وقرأ ابن كثير وأبو عمرو وابن عامر المخلصين إذا كان فيه أل حيث وقع بكسر اللام وهم الذين أخلصوا دينهم لله تعالى ولا يخفى ما في التعبير بالجملة الإسمية من الدلالة على إنتظامه عليه السلام في سلك أولئك العباد الذين هم هم من أول الأمر لا أنه حدث له ذلك بعد أن لم يكن وفي هذا عند ذوي الألباب ما ينقطع معه عذر أولئك المتشبثين بأذيال هاتيك الأخبار التي ما أنزل الله تعالى بها من كتاب واستبقا الباب متصل بقوله سبحانه : ولقد همت به وهم بها إلخ وقوله تعالى : كذلك إلخ اعتراض جيء به بين المعطوفين تقريرا لنزاهته عليه السلام والمعنى لقد همت به وأبى هو واستبقا أي تسابقا إلى الباب على معنى قصد كل من يوسف عليه السلام وامرأة العزيز سبق الآخر إليه فهو ليخرج وهي لتمنعه من الخروج وقيل : المراد من السبق في جانبها إثره إلا أنه عبر بذلك للمبالغة ووحد الباب هنا مع جمعه أولا لأن المراد الباب البراني الذي هو المخلص واستشكل بأنه كيف يستبقان إليه ودونه أبواب جوانية بناءا على ما ذكروا من أن الأبواب كانت سبعة .
وأجيب بأنه روي عن كعب أن أقفال هاتيك الأبواب كانت تتناثر إذا قرب إليها يوسف عليه السلام وتتفتح له ويحتمل أنه لم تكن تلك الأبواب المغلقة على الترتيب بابا فبابا بل كانت في جهات مختلفة كلها منافذ للمكان الذي كانا فيه فاستبقا إلى باب يخرج منه ونصب الباب على الإتساع لأن أصل إستبق أن يتعدى بإلى لكن جاء كذلك على حد وغذا كالوهم واختار موسى قومه سبعين رجلا وقيل : إنه ضمن الإستباق معنى الإبتداء فعدي تعديته وقدت قميصه من دبر يحتمل أن يكون معطوفا على إستبقا ويحتمل أن يكون في موضع الحال كما قال أبو حيان أي وقد قدت والقد القطع والشق وأكثر إستعماله فيما كان طولا وهو