أي بعض تعبير الرؤيا التي عمدتها رؤيا الملك وصاحبي السجن وروي هذا المعنى عن مجاهد وهو الظاهر كما يرشد إليه قوله عليه السلام : ذلك مما علمني ربي سواء جعل معطوفا على غاية مقدرة ينساق إليها الكلام ويستدعيها النظام كأنه قيل : ومثل ذلك التمكين البديع مكنا ليوسف في الأرض وجعلنا قلوب أهلها كافة محال محبته ليترتب على ذلك ما يترتب مما جرى بينه وبين امرأة العزيز ولنعلمه بعض تأويل الأحاديث فيؤدي ذلك إلى الرتبة العليا والرياسة العظمى ولعل ترك المعطوف عليه للإشعار بعدم كونه مرادا أو جعل على لمحذوف كأنه قيل : ولهذه الحكمة البالغة فعلنا ذلك التمكين لا لشيء غيرها مما ليس له عاقبة حميدة .
واختار بعض المحققين كون ذلك إشارة إلى مصدر الفعل المذكور بعده والكاف مقحمة للدلالة على تأكيد فخامة شأن المشار إليه على ما ذكروا في وكذلك جعلناكم أمة وسطا والمراد به التمكين في قلب العزيز أو في منزله وكون ذلك تمكينا في الأرض بملابسة أنه عزيز فيها لما أن الذي عليه يدور تلك الأمور إنما هو التمكين في جانب العزيز وأما التمكين في جانب الناس كافة فتأديته إليها إنما هي بإعتبار إشتماله على ذلك التمكين ولا يخفى أن حمل التمكين في الأرض على التمكين في قلب العزيز أو في منزله خلاف الظاهر وكذا حمله على ما تقدم ولعل الظاهر حمله على جعله ملكا يتصرف في أرض مصر بالأمر والنهي إلا أن في جعل التعليم المذكور غاية له خفاء لأن ذلك الجعل من آثاره ونتائجه المتفرعة عليه دون العكس ولم يعهد منه عليه السلام في تضاعيف قضاياه العمل بموجب الرؤيا المنبهة على الحوادث قبل وقوعها عهدا مصححا لجعله غاية لذلك وما وقع من التداول في أمر السنين فإنما هو عمل بموجب الرؤيا السابقة المعهودة وإرادة ليظهر تعليمنا له كما ترى وكأن من ذهب إلى ذلك لأنه الظاهر أراد بتعليم تأويل الأحاديث تفهيم غوامض أسرار الكتب الإلهية ودقائق سنن الأنبياء عليهم السلام فيكون المعنى حينئذ مكنا له في أرض مصر ليتصرف فيها بالعدل ولنعلمه معاني كتب الله تعالى وأحكامها ودقائق سنن الأنبياء عليهم السلام فيقضي بها بين أهلها والتعليم الإجمالي لتلك الأحاديث وإن كان غير متأخر عن تمكينه بذلك المعنى إلا أن تعليم كل معنى شخص يتفق في ضمن الحوادث والإرشاد إلى الحق في كل نازلة من النوازل متأخر عن ذلك صالح لأن يكون غاية له وأدرج بعضهم الإنجاء تحت الإشارة بذلك وفيه بحث فتدبر والله غالب على أمره لا يمنع عما يشاء ولا ينازع فيما يريد بل إنما أمره لشيء إذا أراد أن يقول له كن فيكون ويدخل في عموم المصدر المضاف شؤونه سبحانه المتعلقة بيوسف عليه السلام دخولا لا أوليا أو متول على أمر يوسف عليه السلام فيدبره ولا يكله إلى غيره وإلى رجوع ضمير أمره إلى الله تعالى ذهب ابن جبير وإلى رجوعه إلى يوسف عليه السلام ذهب القطربي وأياما كان فالكلام على ما في الكشف تذييل أما على الأول فلجريه مجرى قوله تعالى : إن الباطل كان زهوقا من سابقه لأنه لما كان غالبا على جميع أموره لا يزاحمه أحد ولا يمتنع عليه مراد كانت إرادته تمكين يوسف وكيت وكيت والوقوع رضيعي لبان وأما على الثاني فلأن معناه أنه الغالب على أمره يتولاه بلطيف صنعه وجزيل إحسانه وإذا جاء نهر الله تعالى بطل نهر معقل فأين يقع كيد الإخوة وغيرهم كامرأة العزيز موقعه فهو كقوله : وعلام أركبه إذا لم أنزل من سابقه أعني فدعوا إنزال فكنت أول نازل