عن ابن عباس اثنين وعشرين وفي أخرى عنه عشرين وحلة ونعلين وقيل : ثلاثين وحلة ونعلين وقيل : ثمانية عشر اشتروا بها أخفافا ونعالا وقيل : عشرة وعن عكرمة أنها كانت أربعين درهما ولا يأبى هذا ما ذكره غير واحد من أن عادتهم أنهم لا يزنون إلا ما بلغ أوقية وهي أربعون درهما إذ ليس فيه نفي أن الأربعين قد تعد وكانوا فيه أي في يوسف كما هو الظاهر من الزاهدين .
20 .
- أي الراغبين عنه والضمير في وكانوا إن كان للإخوة فظاهر وإن كان للرفقة وكانوا بائعين فزهدهم فيه لأنهم التقطوه والملتقط للشيء متهاون به لا يبالي بما باعه ولأنه يخاف أن يعرض له مستحق ينتزعه من يده فيبيعه من أول مساوم بأوكس الثمن وإن كان لهم وكانوا مبتاعين بأن اشتروه من بعضهم أو من الإخوة فزهدهم لأنهم إعتقدوا فيه أنه آبق فخافوا أن يخاطروا بما لهم فيه وقيل : ضمير فيه للثمن وزهدهم فيه لرداءته أو لأن مقصودهم ليس إلا إبعاد يوسف عليه السلام وهذا ظاهر على تقدير أن يكون ضمير كانوا للإخوة والجار على ما نقل عن ابن مالك متعلق بمحذوف يدل عليه الزاهدين أي كانوا زاهدين فيه من الزاهدين وذلك أن اللام في الزاهدين اسم موصول ولا يتقدم ما في صلة الموصول عليه ولأن ما بعد الجار لا يعمل فيما قبله وهل من الزاهدين حينئذ صفة لزاهدين المحذوف مؤكدة كما نقول : عالم من العلماء أو صفة مبينة أي زاهدين بلغ بهم الزهد إلى أن يعدوا في الزاهدين لأن الزاهد قد لا يكون عريقا في الزاهدين حتى يعد فيهم إذا عدوا أو يكون خبرا ثانيا كل ذلك محتمل وليس بدلا من المحذوف لوجود من معه وقدر بعضهم المحذوف أعني وأنا فيه من الزاهدين وقال ابن الحاجب في أماليه : إنه متعلق بالصلة والمعنى عليه بلا شبهة وإنما فروا منه لما فهموا من أن صلة الموصول لا تعمل فيما قبل الموصول مطلقا وبين صلة أل وغيرها فرق فإن هذه على صورة الحرف المنزل منزلة الجزء من الكلمة فلا يمتنع تقديم معمولها عليها فلا حاجة إلى القول بأن تعلقه بالمذكور إنما هو مذهب المازني الذي جعل أل في مثل ذلك حرف تعريف وكأنه لا يرى تقدم معمول المجرور ممتنعا وإلا لم يتم بما ذكره ارتفاع المحذور .
وزعم بعضهم أنه يلزم بعد عمل اسم الفاعل من غير اعتماد من الغفلة بمكان لأن محل محل الخلاف عمله في الفاعل والمفعول به الصريح لا في الجار والمجرور الذي يكفيه رائحة الفعل وقال بعض المتأخرين : إن الصفة هنا معتمدة على اسم كانوا وهو مبتدأ في الأصل والإعتماد على ذلك معتبر عندهم ففي الرضي عند قول ابن الحاجب : والإعتماد على صاحبه ويعني بصاحبه المبتدأ إما في الحال نحو زيد ضارب أخواه أو في الأصل نحو كان زيد ضاربا أخواه وظننتك ضاربا أخواك وإن زيدا ضارب غلاماه وعلى هذا لا يحتاج في الجواب إلى إخراج الجار والمجرور عن حكم الفاعل والمفعول به الصريح وإن كان له وجه وجيه خلافا لمن أنكره ومن الناس من يتمسك بعموم يتوسع في الظرف والججار والمجرور ما لا يتوسع في غيرهما في دفع ما يورد على تعلق الجار هنا بالصفة المجرور الواقعة صلة لأل كائنا ما كان فليفهم .
هذا والشائع أن الباعة إخوته والزاهدين هم وفي بعض الآثار أنهم حين باعوه قالوا للتاجر : إنه لص آبق فقيده ووكل به عبدا أسود فلما جاء وقت ارتحالهم بكى عليه السلام فقال له التاجر : مالك تبكي فقال : أريد أن أصل إلى الذين باعوني لأودعهم وأسلم عليهم سلام من لا يرجع إليهم فقال التاجر للعبد : خذه واذهب به إلى مواليه ليودعهم ثم ألحقه بالقافلة فما رأيت غلاما ما أبر من هذا بمواليه ولا قوما أجفى منهم فتقدم العبد به إلى إخوته وكان واحد منهم مستيقظا يحرس الأغنام فلما وصل إليه يوسف وهو يعثر في قيده انكب