عند الله تعالى وفي إعجازه أو الواضح معانيه للعرب بحيثلا تشتبه عليهم حقائقه ولا تلتبس عليهم دقائقه وكأنه على المعنيين حذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه فارتفع واستتر ولا يعد هذا من حذف الفاعل المحظور فلا حاجة إلى القول بأن الإسناد مجازي فرارا منه أو بمعنى بين أظهر فهو متعد والمفعول مقدر أي المظهر ما فيه هدى ورشد أو ما سألت عنه اليهود أو ما أمرت أن تسئل عنه من السبب الذي أحل بني إسرائيل بمصر أو الأحكام والشرائع وخفايا الملك والملكوت وأسرار النشأتين وغير ذلك من الحكم والمعارف والقصص .
وعن ابن عباس ومجاهد الإقتصار على الحلال والحرام وما يحتاج إليه في أمر الدين وأخرج ابن جرير عن خالد بن معدان عن معاذ رضي الله تعالى عنه أنه قال في ذلك : بين الله تعالى فيه الحروف التي سقطت عن ألسن الأعاجم وهي ستة أحرف : الطاء والظاء والصاد والضاد والعين والحاء المهملتان والمذكور في الفرهنك وغيره من الكتب المؤلفة في اللغة الفارسية أن الأحرف الساقطة ثمانية ونظم ذلك بعضهم فقال : هشت حرفست أنكه أندر فارسي نايدهمي تايناموزي بناشي أندرين معنى معاف بشنوا كنون تاكدام أست أن حروف وياد كير ثا وحا وصاد ضاد وطاء وظا وعين وقاف ومع هذا فإن الأمر مبني على الشائع الغالب وإلا فبعض هذه الأحرف موجود في بعض كلماتهم كما لا يخفى على المتتبع ولعل الوصف على الأقوال الأول أمدح منه على القول الأخير والظاهر أن ذلك وصف له باعتبار الشرف الذاتي وقوله سبحانه : إنا أنزلناه قرآنا عربيا وصف له باعتبار الشرف الإضافي وضمير الغائب للكتاب السابق ذكره فإن كان المراد به القرآن كله كما هو الظاهر المناسب للحال فذاك وإن كان المراد به هذه السورة فتسميته قرآنا لأنه إسم جنس يقع على الكثير والقليل فكما يطلق على الكل يطلق على البعض نعم إنه غلب على الكل عند الإطلاق معرفا لتبادره وهل وصل بالغلبة إلى حد العلمية أولا فيه خلاف وإلى الأول ذهب البيضاوي قدس سره فتلزمه الألف واللام ومع ذلك لم يهجر المعنى الأول ووقع في كتب الأصول أنه وضع تارة للكل خاصة وأخرى لما يعمه والبعض أعني الكلام المنقول في المصحف تواترا ونظر فيه بأن الغلبة ليس لها وضع ثان وإنما هي تخصيص لبعض أفراد الموضوع له ولذا لزمت العلم بها اللام أو الإضافة إلا أن يدعي أن فيها وضعا تقديريا كذا قيل وممن صرح بأن التعيين بالغلبة قسيم للتعيين بالوضع العلامة الزرقاني وغيره لكن تعقبه الحمصي فقال : إن دلالة الإعلام بالغلبه على تعيين مسماها بالوضع وإن كان غير الوضع الأول فليتأمل .
وعن الزجاج وابن الأنباري أن الضمير لنبأ يوسف وإن لم يذكر في النظم الكريم وقيل : هو للإنزال المفهوم من الفعل ونصبه على أنه مفعول مطلق و قرآنا هو المفعول به والقولان ضعيفان كما لا يخفى ونصب قرآنا على أنه حال وهو بقطع النظر عما بعده وعن تأويله بالمشتق حال موطئة للحال التي هي عربيا وإن أول بالمشتق أي مقروءا فحال غير موطئة و عربيا إما صفته على رأي من يجوز وصف الصفة وإما حال من الضمير المستتر فيه على رأي من يقول بتحمل المصدر الضمير إذا كان مؤولا باسم المفعول مثلا وقيل : قرآنا بدل من الضمير و عربيا صفته وظاهر صنيع أبي حيان يقتضي إختياره ومعنى كونه