الأمور كلها إليه وقيل : على ذلك وكونه تعالى عالما بكل غيب أيضا وفي تأخير الأمر بالتوكل عن الأمر بالعبادة تنبيه على أن التوكل لا ينفع دونها وذلك لأن تقدمه في الذكر يشعر بتقدمه في الرتبة أو الوقوع .
وقيل : التقديم والتأخير لأن المراد من العبادة إمتثال سائر الأوامر من الإرشاد والتبليغ وغير ذلك ومن التوكل التوكل فيه كأنه قيل : إمتثل ما أمرت به ودوام على الدعوة والتبليغ وتوكل عليه في ذلك ولا تبال بالذين لا يؤمنون ولا يضق صدرك منهم وما ربك بغافل عما تعملون .
123 .
- بتاء الخطاب على تغليب المخاطب وبذلك قرأ نافع وأبو عامر وحفص وقتادة والأعرج وشيبة وأبو جعفر والجحدري أي وما ربك بغافل عما تعمل أنت وما يعملون هم فيجازي كلا منك ومنهم بموجب الإستحقاق وقرأ الباقون من السبعة بالياء على الغيبة وذلك ظاهر هذا وفي زوائد الزهد لعبدالله بن أحمد بن حنبل وفضائل القرآن لابن الضريس عن كعب أن فاتحة التوراة فاتحة الأنعام وخاتمتها خاتمة هود ولله غيب السموات والأرض إلى آخر السورة والله تعالى أعلم .
ومن باب الإشارة في الآيات يوم يأت لا تكلم نفس إلا بإذنه فمنهم شقي كامل الشقاوة ومنهم سعيد كامل السعادة فأما الذين شقوا ففي النار أي نار الحرمان عن المراد وآلام ما اكتسبوه من الآثام وهو عذاب النفس خالدين فيها مادامت السموات والأرض إلا ما شاء ربك فيخرجون من ذلك إلى ما هو أشد منه من نيران القلب وذلك بالسخط والإذلال ونيران الروح وذلك بالحجب واللعن والقهر إن ربك فعال لما يريد لا حجر عليه سبحانه وأما الذين سعدوا ففي الجنة أي جنة حصول المراد واللذات وهي جنة النفس خالدين فيها مادامت السموات والأرض إلا ما شاء ربك فيخرجون من ذلك إلى ما هو أعلى وأعلى من جنات القلب في مقام تجليات الصفات وجنات الروح في مقام الشهود وهناك ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر وقد يحمل التنوين على النوعية ويؤول الإستثناء بخروج الشقي من النار بالترقي من مقامه إلى الجنة بزكاء نفسه عما حال بينه وبينها فاستقفم كما أمرت أي في القيام بحقوق الحق والخلق وذلك بالمحافظة على حقوقه تعالى والتعظيم لأمره والتسديد لخلقه مع شهود الكثرة في الوحدة والوحدة في الكثرة من غير إخلال ما بشرط من شرائط التعظيم ومن تاب عن إنيته وذهب وجوده معك من المؤمنين الموحدين إلى مقام البقاء بعد الفناء وقيل : إن الإستقامة المأمور بها صلى الله تعالى عليه وسلم فوق الإستقامة المأمور بها من معه E والعطف لا يقتضي أكثر من المشاركة في مطلق الفعل كما يرشد إليه قوله تعالى : شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وألو العلم على قول ومن هنا قال الجنيد قدس سره : الإستقامة مع الخوف والرجاء حال العابدين والإستقامة مع الهيبة والرجاء حال المقربين والإستقامة مع الغيبة عن رؤية الإستقامة حال العارفين ولا تطغوا ولا تخرجوا عما حد لكم من الشريعة فإن الخروج عنها زندقة ولا تركنوا أي لا تميلوا أدنى ميل إلى الذين ظلموا وهي النفوس المظلمة المائلة إلى الشرور في أصل الخلقة كما قيل : الظلم من شيم النفوس فإن تجد ذا عفة فلعلة لم يظلم وروي ذلك عن علي بن موسى الرضا عن أبيه عن جعفر رضي الله تعالى عنهم وقيل : المعنى لا تقتدوا بالمرائين والجاهلين وقرناء السوء وقيل : لا تصحبوا الأشرار ولا تجالسوا أهل البدع وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل أمر بإقامة الصلاة المفروضة على ما علمت وقد ذكروا أن الصلاة معراج المؤمن وفي الأخبار