8 - فحذف لدلالة قبل عليه وكأن اختيار هذا للإشارة إلى أن ذلك كان عادة مستمرة لهم وإنا لموفوهم يعني هؤلاء الكفرة نصيبهم حظهم من العذاب كما وفينا آباءهم حظوظهم أو من الرزق فيكون عذرا لتأخر العذاب عنهم مع قيام ما يوجبه وفي هذا من الإشارة إلى مزيد فضل الله تعالى وكرمه ما لا يخفى حيث لم يقطع رزقهم مع ما هم عليه من عبادة غيره وفي التعبير - بالنصيب - على الأول تهكم لأنه ما يطلب ويراد والعذاب بمعزل عن ذلك وتفسير بما ذكر مروي عن ابن زيد و - بالرزق - عن أبي العالية وعن ابن عباس أن المراد به ما قدر من خير أو شر وقرأ ابن محيصن لموفوهم مخففا من أوفى غير منقوص حال مؤكدة من النصيب كقوله تعالى ثم وليتم مدبرين وفائدته دفع توهم التجوز وإلى هذا ذهب العلامة الطيبي وقال إنه الحق .
وفي الكشاف أنه جيء بهذه الحال عن النصيب الموفى لأنه يجوز أن يوفى وهو ناقص ويوفى وهو كامل ألا تراك تقول وفيته شطر حقه وثلث حقه وحقه كاملا وناقصا انتهى وتعقبه أبو حيان بأن هذه مغلطة لأنه إذا قيل وفيته شطر حقه فالتوفية إنما وقعت في الشطر وكذا ثلث حقه والمعنى أعطيته الشطر أو الثلث كاملا لم أنقصه منه شيئا وأما قولك وفيته حقه كاملا فالحال فيه مؤكدة لأن التوفية تقتضي الإكمال وأما قولك وفيته حقه ناقصا فغير صحيح للمنافاة انتهى .
وقال ابن المنير إنه وهم لأن التوفية تقتضي عدم نقصان الموفى كاملا كان أو بعضا فقولك وفيته نصف حقه يستلزم عدم نقصان النصف الموفى فالسؤال عن وجه انتصاب هذه الحال قائم بعد والأوجه أن يقال استعملت التوفية بمعنى الإعطاء كما استعمل التوفي بمعنى الأخذ ومن قال أعطيت فلانا حقه كان جديرا أن يؤكده بقوله غير منقوص انتهى وفي الكشف أقول في تعليق التوفية بالنصف مع أن الكل حقه ما يدل على مطلوبه إذ لا فرق بين قولك نصف حقه وحقه منصفا فجاز وفيته نصيبه منصفا ونصيبه ناقصا ويحسن فائدة التأكيد ويظهر أن الواهم من هو فتأمل ولقد آتينا موسى الكتاب أي التوراة فاختلف فيه أي في شأن الكتاب وكونه من عند الله تعالى فآمن به قوم وكفر به آخرون فلا تبال باختلاف قومك فيما آتيناك من القرآن وقولهم لولا أنزل عليه كنز أو جاء معه ملك وزعمهم إنك افتريته .
وجوز رجوع الضمير إلى موسى وهو خلاف الظاهر وإن كان الاختلاف فيه عليه السلام هل هو نبي أم لا مستلزما للاختلاف في كتابه هل هو من الله تعالى أم لا وقيل إن - في - على هذا الاحتمال بمعنى على أي فاختلف قومه عليه وتعنتوا كما فعل قومك معك ولولا كلمة سبقت من ربك وهي كلمة القضاء بتأخير العذاب إلى الأجل المعلوم على حسب الحكمة الداعية إلى ذلك لقضي بينهم أي لأوقع القضاء بين المختلفين من قومك بإنزال العذاب الذي يستحقه المبطلون ليتميزوا به عن المحقين وفي البحر إن الظاهر عود الضمير على قوم موسى قيل وليس بذاك .
وقال ابن عطية عوده على القومين أحسن عندي وتعقب بأن قوله سبحانه وإن كلا الخ ظاهر في التعميم بعد التخصيص وفيه نظر والأولى عندي الأول وإنهم أي وإن كفار قومك أريد بالضمير بعض من رجع إليهم ضمير بينهم للأمن من الإلباس لفي شك عظيم منه أي من القرآن وإن لم