وخطرهم إني إذا أي إذ نفيت لمن الظالمين مثلكم واصنع الفلك بأعيننا قيل : فيه إشارة إلى عين الجمع المشار إليه بخبر لا زال عبدي يتقرب إلي بالنوافل الحديث .
وقيل : أي كن في أعين رعايتنا وحفظنا ولا تكن في رؤية عملك والإعتماد عليه فإن من نظر إلى غيري إحتجب به عني وقال بعضهم : أي أسقط عن نفسك تدبيرك واصنع ما أنت صانع من أفعالك على مشاهدتنا دون مشاهدة نفسك أو أحد من خلقي وقيل : أي إصنع الفلك ولا تعتمد عليه فإنك بأعيننا رعاية وكلاءة فأن إعتمدت على الفلك وكلت إليه وسقطت من أعيننا ولا تخاطبني في الذين ظلموا إنهم مغرقون فيه إشارة إلى رقة قلبه عليه السلام بعد إحتمال جفوتهم وأذيتهم وهكذا شأن الصديقين والكلام في باقي الآية ظاهر ولا يخفى أنه يجب الإيمان بظاهرها والتصديق بوقوع الطوفان حسبما قص الله سبحانه وإنكار ذلك كفر صريح لكن ذكر بعض السادة أنه بعد الإيمان بذلك يمكن إحتمال التأويل على أنه حظ الصوفي من الآية وذلك بأن يؤول الفلك بشريعة نوح التي نجا بها هو ومن آمن معه والطوفان بإستيلاء بحر الهيولي وإهلاك من لم يتجرد عنها بمتابعة نبي وتزكية نفس كما جاء في مخاطبات إدريس عليه السلام لنفسه ما معناه إن هذه الدنيا بحر مملوء ماءا فإن إتخذت سفينة تركبها عند خراب البدن نجوت منها إلى عالمك وإلا غرقت فيها وهلكت وعلى هذا يقال : معنى ويصنع الفلك يتخذ شريعة من ألواح الأعمال الصالحة ودسر العلوم تنتظم بها الأعمال وتحكم وكلما مر عليه ملأ من قومه سخروا منه كما هو المشاهد في أرباب الخلاعة الممطتين غارب الهوى يسخرون من المتشرعين المتقيدين بقيود الطاعة قال إن تسخروا منا بجهلكم فإنا نسخر منكم عند ظهور وخاصة عاقبتكم كما تسخرون فسوف تعلمون عند ذلك من يأتيه عذاب يخزيه في الدنيا من حلول ما لا يلائم غرضه وشهوته ويحل عليه عذاب مقيم في الآخرة من إستيلاء نيران الحرمان وظهور هيئات الرذائل المظلمة حتى إذا جاء أمرنا بإهلاك أمته وفار التنور بإستيلاء الأخلاط الفاسدة والرطوبات الفضلية على الحرارة الغريزية وقوة طبيعة ماء الهيولي على نار الروح الحيوانية أو أمرنا بإهلاكهم المعنوي وفار التنور بإستيلاء ماء هوى الطبيعة على القلب وإغراقه في بحر الهيولي الجسماني قلنا احمل فيها من كل زوجين أي من كل صنفين من نوع إثنين هما صورتاهما النوعية والصنفية الباقيتان عند فناء الأشخاص .
ومعنى حملهما فيها علمه ببقائهما مع بقاء الأرواح الأنسية فإن علمه جزء من السفينة المتركبة من العلم والعمل فمعلوميتهما محموليتهما وعالميته بهما حامليته إياهما فيها وأهلك ومن يتصل بك في سيرتك من أقاربك إلا من سبق عليه القول أي الحكم بإهلاكه في الأزل لكفره ومن آمن من أمتك وقال اركبوا فيها بسم الله مجراها ومرساها أي بسم الله تعالى الأعظم الذي هو وجود كل عارف كامل من أفراد نوع الإنسان إجراء أحكامها وترويجها في بحر العالم الجسماني وإثباتها وأحكامها كما ترى من إجراء كل شريعة وأحكامها بوجود الكامل ممن ينسب إليها إن ربي لغفور لهيآت نفوسكم البدنية المظلمة وذنوب ملابس الطبيعة المهلكة إياكم المغرقة في بحرها وذلك بمتابعة الشريعة رحيم بإضافة المواهب العلمية والكشفية والهيآت النورانية التي ينجيكم بها وهي تجري بهم في موج من بحر الطبيعة الجسمانية كالجبال الحاجبة للنظر المانعة من السير وهم لا يبالون بذلك محفوظون من أن يصيبهم شيء من ذلك الموج وهذا الجريان يعرض للسالك في إبتداء أمره ولو لا أنه محفوظ في لزوم سفينة الشرع لهلك