في قوله سبحانه : وشهد شاهد من بني إسرائيل على مثله وهو عبدالله بن سلام رضي الله تعالى عنه ففي الآية مدح أهل الكتاب وخص من بينهم تالي الكتابين وشاهدهم بالذكر دلالة على مزيد فضله وتنبيها على أنهم مشايعون في إتباع الحق وإن لم يبلغوا رتبة الشاهد وفي قوله تعالى : يتلوه إستحضار للحال ودلالة على استمرار التلاوة وهو كما قيل في غاية التطابق للكلام إماما أي مؤتما به في الدين ومقتدى وفي التعرض لهذا الوصف بيان تلو الكتاب ما لا يخفى من تفخيم شأن المتلو والتنوين فيه للتعظيم وكذا في قوله سبحانه : ورحمة أي نعمة عظيمة على من أنزل إليهم ومن بعدهم إلى يوم القيامة بإعتبار أحكامه الباقية المؤيدة بالقرآن العظيم وهما حالان من الكتاب أولئك أي الموصوفون بتلك الصفة الحميدة وهي الكون على بينة يؤمنون به أي يصدقون بالقرآن حق التصديق حسبما يشهد به تلك الشواهد الحقة المعربة عن حقيته ولا يقلدون أحدا من عظماء الدين فالضمير للقرآن وقيل : إنه لكتاب موسى عليه السلام لأنه أقرب ولا يناسب ما بعد وإن لم يك خاليا عن الفائدة وقيل : إنه للنبي صلى الله تعالى عليه وسلم ومن يكفر به أي بالقرآن ولم يعتد بتلك الشواهد الحقة ولم يصدق بها من الأحزاب من أهل مكة ومن تحزب معهم على رسول الله صلى الله عليه وسلّم قاله بعضهم وأخرج عبدالرزاق عن قتادة أن الأحزاب الكفار مطلقا فإنهم تحزبوا على الكفر وروي ذلك عن ابن جبير وفي رواية أبي الشيخ عن قتادة أنهم اليهود والنصارى وقال السدي : هم قريش وقال مقاتل : هم بنو أمية وبنو المغيرة بن عبدالله المخزومي وآل أبي طلحة بن عبيد الله فالنار موعده أي يردها لا محالة حسبما نطق به قوله سبحانه : ليس لهم في الآخرة إلا النار وآيات أخر والموعد إسم مكان الوعد كما في قول حسان : أوردتموها حياض الموت ضاحية فالنار موعدها والموت لاقيها وفي جعل النار موعد إشعار بأن له فيها ما لا يوصف من أفانين العذاب فلا تك في مرية منه أي في شك من أمر القرآن وكونه من عند الله تعالى غب ما شهدت به الشواهد وظهر فضل من تمسك به أو لا تك في شك من كون النار موعدهم وادعى بعضهم أنه الأظهر وليس كذلك وأياما كان فالخطاب إن كان عاما لمن يصلح له فالمراد التحريض على النظر الصحيح المزيل للشك وإن كان للنبي A فهو بيان لأنه ليس محلا للشك تعريضا بمن شك فيه ولا يلزم من نهيه E عنه وقوعه ولا توقعه منه A وقرأ السلمي وأبو رجاء وأبو الخطاب السدوسي والحسن مرية بضم الميم وهي لغة أسد وتميم والكسر لغة أهل الحجاز إنه الحق من ربك أي الذي يربيك في دينك ودنياك ولكن أكثر الناس لا يؤمنون .
17 .
- بذلك إما لقصور أنظارهم وإختلال أفكارهم وإما لإستكبارهم وعنادهم و الناس على ما روي عن ابن عباس أهل مكة وقال صاحب الفينان : جميع الكفار هذا والهمزة في أفمن قيل : للتقرير و من مبتدأ والخبر محذوف أي أفمن كان كذا كمن يريد الحياة الدنيا وزينتها وحذف معادل الهمزة ومثله كثير واختار هذا أبو حيان والذي يقتضيه كلام الزمخشري ولعله الأولى خلافه حيث قال : المعنى أمن كان يريد الحياة الدنيا كمن كان على بينة أي لا يعقبونهم ولا يقاربونهم في المنزلة إلى آخر ما قال وحاصله على ما في الكشف أن الفاء عاطفة