الجواب وفيه إيذان بأن فيضان الخير منه تعالى بطريق التفضل والكرممن غير إستحقاق عليه سبحانه أي لا أحد يقدر على رده كائنا من كانفيدخل فيه الأصنام دخولا أوليا وهو بيان لعدم ضرها بدفع المحبوب قبلوقوعه المستلزم لعدم ضرها برفعه أو بإيقاع المكروه إستلزاما جليا ولعل ذكره الإرادة مع الخير والمس مع الضر مع تلازم الأمرين لأن ما يريدهسبحانه يصيب وما يصيب لا يكون إلا بإرادته تعالى للإيذان بأن الخير مقصودلله تعالى بالذات والضر إنما يقع جزاء على الأعمال وليس مقصودابالذات ويحتمل أنه أريد معنى الفعلين في كل من الخير والضر لإقتضاءالمقام تأكيد كل من الترغيب والترهيب إلا أنه قصد الإيجاز في الكلام فذكر في أحدهما المس وفي الآخر الإرادة ليدل بما ذكر في جانب على ما ترك في الجانب الآخر ففي الآية نوع من البديع يسمى إحتباكا وقدتقدم في غير آية ولم يستثن سبحانه في جانب الخير إظهارا لكمال العناية به وينبىء عن ذلك قوله تعالى : يصيب به من يشاء من عباده حيث صرح جل شأنه بالإصابة بالفضل المنتظم لما أراد من الخير وقيل : إنما لم يستثن جل وعلا في ذلك لأنه قد فرض فيه أن تعلق الخير به واقع بإرادته تعالى وصحة الإستثناء تكون بإرادة ضده في ذلك الوقت وهو محال وهذا بخلاف مس الضر فإن إرادة كشفه لا تستلزم المحال وهو تعلق الإرادتين بالضدين في وقت واحد وفي العدول عن يرد بك الخير إلىما في النظم الجليل إيماء كما قيل إلى أن المقصود هو الإنسان وسائر الخيرات مخلوقة لأجله وما أشرنا إليه من رجوع ضمير به إلى الفضلهو الظاهر المناسب وجوز رجوعه لما ذكر وليس بذاك وحمل الفضل على العموم أولا وآخرا حسبما علمت هو الذي ذهب إليه بعض المحققين رادا منجعله عبارة عن ذلك الخير بعينه على أن يكون الإتيان به أولا ظاهرا منباب وضع المظهر موضع المضمر إظهارا لما ذكر من الفائدة بأن قولهسبحانه : من يشاء من عباده يأبى ذلك لأنه ينادي بالعموم ويجوز عندي أن يكون الكلام من باب عندي درهم ونصفه وقوله سبحانه : وهو الغفور الرحيم 107 تذييل لقوله تعالى : يصيب به إلخ مقررلمضمونه والكل تذييل للشرطية الأخيرة مقرر لمضمونها وذكر الإمام في هده الآيات أن قوله تعالى : ولا تكونن من المشركين لا يمكن أن يكون نهيا عن عبادة الاوثان لأن ذلك مذكور في قوله سبحانه أول الآية : لا أعبد الذين تعبدون من دون الله فلا بد من حمل هذا الكلام على ما فيه فائدة زائدة وهي أن من عرف مولاه لو إلتفت بعد ذلك إلى غيره كانذلك شركا وهو الذي يسميه أصحاب القلوب بالشرك الخفي ويجعل قولهسبحانه : ولا تدع من دون الله ما لا ينفعك ولا يضرك إشارة إلى مقام هوآخر درجات العارفين لأن ما سوى الحق ممكن لذاته موجود بإيجاده والممكن لذاته معدوم بالنظر إلى ذاته وموجود بإيجاد الحق وحينئذ فلا نافع إلاالحق ولا ضار إلا هو وكل شيء هالك إلا وجهه وإذا كان كذلك فلا رجوع إلاإليه عن شأنه في الدارين .
ومعنى فان فعلت إلخ فإن إشتغلت بطلب المنفعة والمضرة من غير اللهتعالى من الظالمين أي الواضعين للشيء في غير موضعه إذ ما سوى اللهتعالى معزول عن التصرف فإضافة التصرف إليه وضع للشيء في غير موضعه وهو الظلم وطلب الإنتفاع بالأشياء التي خلقها الله تعالى للإنتفاع بها من الطعام والشراب ونحوهما لا ينافي الرجوع بالكلية إلى اللهتعالى بشرط أن يكون بصر العقل عند التوجه إلى شيء