لأنه لايصح دخول عن عليها جعل الفعل مضمنا معنى القول أي قولون لك هذا والجملة في محل نصب مفعلول القول وقرأ الأعمش آلحق هو بالتعريف مع الإستفهام وهي تؤيد كون الإستفهام للإنكار لما فيها منالتعريض لبطلانه المقتضى لإنكاره لإفادة الكلام عليها القصر وهو من قصرالمسند على المسند إليه على المشهور والمعنى أن الحق ما تقول أم خلافه وجعله الزمخشري من قصر المسند إليه على المسند حيث قال كأنه قيل : أهو الحق لا الباطل أو أهو الذي سميتموه الحق وأشاربالترديد إلى أن الغرض من هذا الوجه لا يختلف جعل الحصر حقيقيا تهكما أو إدعائيا وإعترض ذلك بأنه مخالف لما عليه علماء المعاني في مثل هذا التركيب وفي الكشف أنه يتخايل أن الحصر على معنى أهو الحق لاغيره لا معنى أهو الحق لا الباطل على ما قرروه في قولهم : زيد المنطلق والنطلق زيد فعلى هذا لا يسد ما ذكره الزمخشري ولكنه يضمحل بما حققناه في قوله تعالى : وقودها الناس والحجارة وأن إنحصار أحدهما في الآخر يلاحظ بحسب المقام وحينئذ لا يبالي قدم أو أخر وههنا المعنى على حصر العذاب في الحقية لا على حصر الحقية في العذاب .
وقد قال هناك : إن التحقيق أن نحو زيدالمنطلق وعكسه إنما يحكم فيه بقصر الثاني أعنى الإنطلاق على الأول لأن المناسب قصر العام على الخاص وكذلك نحو الناس هم العلماء والعلماء هم الناس وإن كان بينهما عموم وخصوص من وجه لأن المقصود بين وأما في نحو قولنا : الخاشعون هم العلماء والعلماء هم الخاشعون فالحكم مختلف تقديما وتأخيرا وأحد القصرين غير الآخر فينبغي أن ينظر إلى مقتضى المقام إن تعين أحدهما لذلك حكم به قدم أو أخر وإلا روعي التقديم والتأخير وقد يكون القصر متعاكسا نحو زيد المنطلق إذا أريد المعهود وهذا ذاك وكذلك الجنسان إذا إتحدا موردا كقولك : الضاحك الكاتب إلى آخر ما قال وكون المعنى ههنا على حصر العذاب في الحقية دون العكس هو المناسب ومخالفة علماء المعاني ليست بدعا من صاحب الكشاف وأمثاله والحق ليس محصورا بما هم عليه كما لا يخفى فتدبر قل إي وربي إنه الحق أي قل لهم غير مكترث بإستهزائهم مغضيا عما قصدوا بانيا للأمر على أساس الحكمة : نعم إن ذلك العذاب الموعود ثابت البتة فضمير إنه للعذاب أيضا وإي حرف جواب وتصديق بمعنى نعم قيل : ولا تستعمل كذلك إلا مع القسم خاصة كما أن هل بمعنى قد في الإستفهام خاصة ولذلك سمع من كلامهم وصلها بواو القسم إذ لم يذكر المقسم به فيقولون إيو ويوصلون به هاء السكت أيضا فيقولون : إيوه وهذه اللفظة شائعة اليوم في لسان المصريين وأهل ذلك الصقع وإدعى أبو حيان أنه يجوز إستعمالها مع القسم وبدونه إلاأن الأول هو الأكثر قال : وما ذكر من السماع ليس بحجة لأن اللغة فسدت بمخالطة غير العرب فلم يبق وثوق بالسماع وحذف المجرور بواو القسم والإكتفاء بها لم يسمع من موثوثق به وهو مخالف للقيلس وأكد الجواب بأتم وجوه التأكيد حسب شدة إنكارهم وقوته وقد زيد تقريرا وتحقيقا بقوله جل شأنه : وماأنتم بمعجزين 53 أي بفائتين العذاب على أنه من فإنه الأمرإذا ذهب عنه ويصح جعله من أعجزه بمعنى وجده عاجزا أي ما أنتم بواجدي العذاب أو من يوقعه بكم عاجزا عن إدراككم وإيقاعه بكم وأيا ما كان فالجملة إما معطوفة على جواب القسم أو مستأنفة سيقت لبيان عجزهم عن الخلاص مع ما فيه من التقرير المذكور .
ولو أن لكل نفس ظلمت أي بالكفر أو بالتعدي على الغير أو غير ذلك من أصناف الظلم كذا