وأجيب بأن الرضى صرح بأن وقوع الجملة الإستفهامية جوابا بدون الفاء ثابت في كثير من الكلام الفصيح ولو سلم ما ذكر فيقدر القول وحذفه كثير مطرد بلا خلاف وأورد أيضا على هذا الوجه أن إستعجال العذاب قبل إتيانه فكيف يكون مرتبا عليه وجزاء له وأجيب بأنه حكاية عن حال ماضية أي ماذا كنتم تستعجلون ويشهد لهذا التصريح بكنتم فيما بعد والقرآن يفسر بعضه بعضا وأنت تعلم أن مجرد ذلك لا يجوز كونه جوابا لأن الإستعجال الماضي لا يترتب على إتيان العذاب فلا بد من تقدير نحو تعلموا أي تعلموا ماذا إلخ وقيل : إن أتاكم بمعنى إن قارب إتيانه إياكم أو المراد إن أتاكم أمارات عذابه وقيل : حيث أنالمراد إنكار الإستعجال بمعنى نفيه رأسا صح كونه جوابا واعترض على جعل مجموع الشرطية متعلقا بأرأيتم بأنه لا يصح أن يكون مفعولا به له بناء على أنه بمعنى أخبروني وهو متعد بعن ولا تدخل الجملة إلا أنها إذا إقترنت بالإستفهام وقلنا بحواز تعليقها وفيه كلام في العربية ودفع بأن مراد القائل بالتعلق التعلق اللغوي لأن المعنى أخبروني عن صنيعكم ان أتاكم إلخ والمراد بقوله سبحانه : أثم إذا ما وقع ءامنتم به زيادة التنديم والتجهيل والمعنى أئذا وقع العذاب وحلبكم حقيقة آمنتم به وعاد إستهزؤكم وتكذيبكم تصديقا وإذعانا وجيء بثم دلالة على زيادة الإستعباد وفيه أن هذا الثاني أبعد من الأول وأدخل في الإنكار .
وجوز أن يكون هذا جواب الشرط والإستفهامية الأولى إعتراض والمعنى أخبروني إن أتاكم عذابه آمنتم بهع بعد وقوعه حين لا ينفعكم الإيمان وأصل الكلام على ما قيل : إن أتاكم عذابه بياتا أو نهارا ووقع وتحقق آمنتم ثم جيء بحرف التراخي بدل الواو دلالة على الإستعباد ثم زيد أداةالشرط دلالة على إستقلاله بالإستعباد وعلى أن الأول كالتمهيد له وجيء بإذا مؤكدا بما ترشيحا لمعنى الوقوع والتحقيق وزيادة للتجهيل وأنهم لم يومنوا إلا بعد إن لم ينفعهم البتة وهذا الوجه مما جوزه الزمخشري وتعقب بأنه في غاية البعد لأن ثم حرف عطف لم يسمع تصديرالجواب به والجملة المصدرة بالإستفهاتم لا تقع جوابا بدون الفاء وأجيب عن هذا بما مر .
وأما الجواب عنه بأنه أجرى ثم مجرى الفاء فكما أن الفاء في الأصل للعطف والترتيب وقد ربطت الجزاء فكذلك هذه فمخالف لإجماع النحاة وقياسه على الفاء غير جلي ولهذه الدغدغة قيل : مراد الزمخشري أنهيدل على الجواب والتقدير إن أتاكم عذابه أمنتم به بعد وقوعه وما في النظم الكريم معطوف عليه للتأكيد نحو كلا سوف تعلمون ثم كلا سوف تعلمون وتعقب بأنه لايخفى تكلفه فإن عطف التأكيد بثم مع حذف المؤكدمما لا ينبغي إرتكابه ولو قيل : المراد إن آمنتم هو الجواب و أثم إذا ماوقع معترض فالإعتراض بالواو والفاء وأما بثم فلم يذهب إليه أحد وبالجملة قد كثر الجرح والتعديل لهذا الوجه لا يصلح العطارما أفسد الدهر وقريء ثم بفتح الثاء بمعنى هنالك وقوله سبحانه : آلآن على تقدير القول وهو الأظهر والأقوى معنى أي قيل لهم عند إيمانهم بعد وقوع العذاب آلآن آمنتم به فالآن في محل نصب على أنه ظرف لأمنتم مقدرا ومنع أن يكون ظرفا للمذكور لأن الإستفهام له صدرالكلام وقريء بدون همزة الإستفهام والظاهر عندي على هذا تعلقه بمقدر أيضا لأن الكلام على الإستفهام وبعض جوز تعلقه بالمذكور وليس بذاك وعن نافع أنه قرىء آلآن بحذف الهمزه التي بعد اللام وإلقاء حركتها على اللام وقوله سبحانه :