وفيها أن عمر رضي الله تعالى عنه قال : لقد كنت أرى أنا رفعنا رفعة لا يبلغها أحد بعدنا وأراد إختصاص السبق بالمهاجرين وظاهر تقديم المهاجرين على الأنصار مشعر بأنهم أفضل منهم وهو الذي يدل عليه قصة السقيفة وقد جاء في فضل الأنصار مالا يحصى من الأخبار ومن ذلك ما أخرجه الشيخان وغيرهما أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم : آية الإيمان حب الأنصار وآية النفاق بغض الأنصار .
وأخرج الطبراني عن السائب بن يزيد أن رسول الله A قسم الفيء الذي أفاء الله تعالى بحنين في أهل مكة من قريش وغيرهم فغضب الأنصار فأتاهم فقال : يا معشر الأنصار قد بلغني من حديثكم في هذه المغانم التي آثرت بها أناسا أتألفهم على الإسلام لعلهم أن يشهدوا بعد اليوم وقد أدخل الله تعالى قلوبهم الإسلام ثم قال : يا معشر الإسلام ألم يمن الله تعالى عليكم بالإيمان وخصكم بالكرامة وسماكم بأحسن الأسماءأنصار الله تعالى وأنصار رسوله E ولولا الهجرة لكنت أمرءا من الأنصار ولو سلك الناس واديا وسلكتم واديا لسلكت واديكم أفلا ترضون أن يذهب الناس بهذه الغنائم البعير والشاء وتذهبون برسول الله فقالوا : رضينا فقال رسول الله A : أجيبوني فيما قلت قالوا : يارسول الله وجدتنا في ظلمة فأخرجنا الله بك إلى النور وجدتنا على شفا حفرة من النار فأنقذنا الله بك وجدتنا ضلالا فهدانا الله تعالى بك فرضينا بالله تعالى ربا وبالإسلام دينا وبمحمد A نبيا فقال E : لو أجبتموني بغير هذا القول لقلت : صدقتم لو قلتم ألم تأتنا طريدا فآويناك ومكذبا فصدقناك ومخذولا فنصرناك وقبلنا مارد الناس عليك لصدقتم قالوا : بل الله تعالى ولرسوله المن والفضل علينا وعلى غيرنا فانظر كيف قال لهم رسول الله ص .
وكيف أجابوه رضى الله تعالى عنهم وأعد لهم جنت تجري من تحتها الأنهار أي هيأ لهم ذلك في الآخرة وقرأ ابن كثير من تحتها وأكثر ما جاء .
في القرآن موافق لهذه القراءة خلدين فيها أبدا من غير أنتهاء ذلك الفوز العظيم 100 أي الذي لا فوز وراءه وما في ذلك من معنى البعد قيل لبيان منزلتهم في الفضل وعظم الدرجة من مؤمني الأعراب ولا يخفى أن هذا لا يكاد يصح إلا بتكلف ما إذا أريد من الذين إتبعوهم صنف آخر غير الصحابة لأن الظاهر أن مؤمني الأعراب صحابة ولا يفضل غير صحابي صحابيا كما يدل عليه قوله A : لا تسبوا أصحابي فلو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهبا مابلغ مد أحدهم ولا نصفيه وقوله A : أمتي كالمطر لا يدرى أوله خير أم آخره من باب المبالغة .
وممن حولكم من الأعراب شروع في بيان منافقي أهل المدينة ومن حولها من الأعراب بعد بيان حال أهل البادية منهم أي وممن حول بلدكم منافقون والمراد بالموصول كما أخرج ابن المنذر عن عكرمة : جهينة ومزينة وأشجع وأسلم وغفار وكانت منازلهم حول المدينة وإلى هذا ذهب جماعة من المفسرين كالبغوي والواحدي وابن الجوزي وغيرهم واستشكل ذلك بأن النبي A مدح هذه القبائل ودعا لبعضها فقد أخرج الشيخان وغيرهما عن أبي هريرة عنه E أنه قال : قريش والأنصار وجهينة ومزينة واشجع وأسلم وغفار موالي الله تعالى ورسوله لا موالي لهم غيره وجاء عنه أيضا أنه A قال :