الخلوص والظاهر أن هذا مندرج في حيز التفسير لكن الغالب من المفسرين لم يبينوا وجهه كونه صفة خير للمخاطبين نعم قال مولانا الشهاب : إن المعنى هو أذن خير يسمع آيات الله تعالى ودلائله فيصدقها ويسمع قول المؤمنين فيسلمه لهم ويصدقهم به وهو تعريض بأن المنافقين أذن شر يسمعون آيات الله تعالى ولا ينتفعون بها ويسمعون قول المؤمنين ولا يقبلونه وأنه صلى الله تعالى عليه وسلم لا يسمع قولهم إلا شفقة عليهم لا أنه يقبله لعدم تمييزه E كما زعموا وبهذا يصح وجه التفسير فتدبر انتهى ولا يخفى أن في إرادة هذا المعنى من هذا المقدار من الآية بعدا وربما يقال : إن المراد أنه E يسمع قول المؤمنين الخلص ويصدقهم ولا يصدق المنافقين وإن سمع قولهم وكون ذلك صفة خير للمخاطبين إما بإعتبار أنه قد ينجر إلى إخلاصهم لما أن فيه إنحطاط مرتبتهم عن مرتبة المخلصين وإما باعتبار أن تصديقه صلى الله تعالى عليه وسلم للمؤمنين الخلص فيما يقولون من الحق من متممات تصديقه آيات الله تعالى ولا شك في خيرية ذلك للمخاطبين بل ولغيرهم أيضا فليفهم .
والإيمان في قوله تعالى : يؤمن بالله بمعنى الإعتراف والتصديق كما أشرنا إليه ولذا عدى بالباء وأما في قوله سبحانه : ويؤمن للمؤمنين فهم بمعنى جعلهم في أمان من التكذيب فاللام فيه مزيدة للتقوية لأنه بذلك المعنى متعد بنفسه كذا قيل وفيه أن الزيادة لتقوية الفعل المتقدم على معموله قليلة وقال الزمخشري : إنه قصد من الإيمان في الأول التصديق بالله تعالى الذي هو نقيض الكفر فعدى بالباء الذي يتعدى بها الكفر حملا للنقيض على النقيض وقصد من الإيمان في الثاني السماع من المؤمنين وأن يسلم لهم ما يقولونه ويصدقهم لكونهم صادقين عنده فعدى باللام ألا ترى إلى قوله سبحانه : وما أنت بمؤمن لنا ولو كنا صادقين حيث عدى الإيمان فيه باللام لأنه بمعنى التسليم لهم وظاهر هذا أن اللام ليست مزيدة للتقوية كما في الأول وكلام بعضهم يشعر ظاهره بزيادتها وقوله سبحانه : ورحمة عطف على أذن خير أي وهو رحمة وفيه الإخبار بالمصدر والكلام في ذلك معلوم للذين آمنوا منكم أي للذين أظهروا الإيمان حيث يقبله منهم لكن لا تصديقا لهم في ذلك بل رفقا بهم وترحما عليهم ولا يكشف أسرارهم ولا يهتك أستارهم .
وظاهر كلام الخازن أن المراد من الذين آمنوا المخلصون وذكر منكم باعتبار أن المنافقين كانوا يزعمون أنهم مؤمنون والحق حمل ذلك على المنافقين وإسناد الإيمان إليهم بصيغة الفعل بعد نسبته إلى المؤمنين المخلصين بصيغة الفاعل على المنبئة عن الرسوخ والإستمرار للإيذان بأن إيمانهم أمر حادث ما له من قرار ولعل العدول عن رحمة لكم إلى ما ذكر للإشارة إلى ذلك وقرأ ابن أبي عبلة رحمة بالنصب على أنه مفعول له لفعل مقدر دل عليه أذن خير أي يأذن لكم ويسمع رحمة وجوز عطفه على آخر مقدر أي تصديقا لهم ورحمة لكم والذين يؤذون رسول الله أي بأي نوع من الإيذاء كان وفي صيغة الإستقبال المشعرة بترتب الوعيد على الإستمرار على ما هم عليه إشعار بقبول توبتهم لهم عذاب أليم .
16 .
- أي بسبب ذلك كما ينبىء عنه بناء الحكم على الموصول وجملة الموصول وخبره مسوق من قبله D على نهج الوعيد غير داخل تحت الخطاب وفي تكرير الإسناد بإثبات العذاب الأليم لهم ثم جعل الجملة خبرا ما لا يخفى من المبالغة وإيراده E بعنوان الرسالة مع الإضافة إلى الإسم الجليل لغاية التعظيم والتنبيه على أن أذيته E راجعة إلى جنابه D موجبة لكمال السخط والغضب منه