مصحف أبي سقط بالإفراد مراعاة للفظ من ولا يخفى ما في تصدير الجملة بأداة التنبيه من التحقيق وفي التعبير عن الإفتتان بالسقوط في الفتنة تنزيل لها منزلة المهواة المهلكة المفصحة عن ترديهم في دركات الردى أسفل سافلين وتقديم الجار والمجرور لا يخفى وجهه وإن جهنم لمحيطة بالكافرين .
94 .
- وعيد لهم على ما فعلوا وهو عطف على الجملة السابقة داخل تحت التنبيه أي جامعة لهم من كل جانب لا محالة وذلك يوم القيامة فالمجاز في اسم الفاعل حيث استعمل في الإستقبال بناء على أنه حقيقة في الحال ويحتمل أن يكون المراد أنها محيطة بهم الآن بأن يراد من جهنم أسبابها من الكفر والفتنة التي سقطوا فيها ونحو ذلك مجازا .
وقد يجعل الكلام تمثيلا بأن تشبه حالهم في إحاطة الأسباب بحالهم عند إحاطة النار وكون الأعمال التي هم فيها هي النار بعينها لكنها ظهرت بصورة الأعمال في هذه النشأة وتظهر بالصورة النارية في النشأة الأخرى كما قيل نظيره في قوله تعالى : إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما إنما يأكلون في بطونهم نارا منزع صوفي والمراد بالكافرين إما المنافقون المبحوث عنهم وإيثار وضع الظاهر موضع الضمير للتسجيل عليهم بالكفر والإشعار بأنه معظم أسباب الإحاطة المذكورة وإما جميع الكافرين ويدخل هؤلاء دخولا أوليا إن تصبك في بعض مغازيك حسنة من الظفر والغنيمة تسؤهم تلك الحسنة أي تورثهم مساءة وحزنا لفرط حسدهم لعنهم الله تعالى وعداوتهم وإن تصبك في بعضها مصيبة كانكسار جيش وشدة يقولوا متبجحين بما صنعوا حامدين لآرائهم قد أخذنا أمرنا أي تلافيا ما يهمنا من الأمر يعنون به التخلف والقعود عن الحرب والمداراة مع الكفرة وغير ذلك من أمور الكفر والنفاق قولا وفعلا من قبل أي من قبل إصابة المصيبة حيث ينفع التدارك يشيرون بذلك إلى أن نحو ما صنعوه إنما يروج عند الكفرة بوقوعه حال قوة الإسلام لا بعد إصابة المصيبة ويتولوا أي وينصرفوا عن متحدثهم ومحل إجتماعهم إلى أهليهم وخاصتهم أو يتفرقوا أو ينصرفوا عنك يا رسول الله وهم فرحون .
5 .
- بما صنعوا وبما أصابك من السيئة والجملة في موضع الحال من الضمير في يقولوا ويتولوا فإن الفرح مقارن للأمرين معا وإيثار الجملة الإسمية للدلالة على دوام السرور وإنما لم يؤت بالشرطية الثانية على طرز الأولى بأن يقال : وإن تصبك مصيبة تسرهم بل أقيم ما يدل على ذلك مقامه مبالغة في فرط سرورهم مع الإيذان بأنهم في معزل عن إدراك سوء صنيعهم لإقتضاء المقام ذلك وقيل : إن إسناد المساءة إلى الحسنة والمسرة إلى أنفسهم للإيذان باختلاف حالهم حالتي عروض المساءة والمسرة بأنهم في الأولى مضطرون وفي الثانية مختارون وقوبل هنا الحسنة بالمصيبة ولم تقابل بالسيئة كما قال سبحانه في سورة آل عمران : وإن تصبكم سيئة يفرحوا بها لأن الخطاب هنا للنبي صلى الله تعالى عليه وسلم وهو هناك للمؤمنين وفرق بين المخاطبين فإن الشدة لا تزيده صلى الله تعالى عليه وسلم إلا ثوابا فإنه المعصوم في جميع أحواله E وتقييد الإصابة في بعض الغزوات لدلالة السياق عليه وليس المراد به بعضا معينا هو هذه الغزوة التي إستأذنوا في التخلف عنها وهو ظاهر نعم سبب النزول يوهم ذلك فقد أخرج ابن أبي حاتم عن جابر بن عبدالله قال : جعل المنافقون الذين تخلفوا في المدينة يخبرون عن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم