أي الله D عذابا أليما بالإهلاك بسبب فظيع لقحط وظهور عدو وخص بعضهم التعذيب بالآخرة وليس بشيء وعممه آخرون واعتبروا فيه الإهلاك ليصح عطف قوله سبحانه : ويستبدل عليه أي ويستبدل بكم بعد إهلاككم قوما غيركم وصفهم بالمغايرة لهم لتأكيد الوعيد والتشديد في التهديد بالدلالة على المغايرة الوصفية والذاتية المستلزمة للإستئصال أي قوما مطيعين مؤثرين للآخرة على الدنيا ليسوا من أولادكم ولا أرحامكم وهم أبناء فارس كما قال سعيد بن جبير أو أهل اليمن كما روي عن أبي روق أو ما يعم الفريقين كما اختاره بعض المحققين ولا تضروه شيئا من الأشياء أو شيئا من الضرر والضمير لله D أي لا يقدح تثاقلكم في نصرة دينه أصلا فإنه سبحانه الغني عن كل شيء وفي كل أمر وقيل : الضمير للرسول صلى الله تعالى عليه وسلم فإن الله D وعده العصمة والنصر وكان وعده سبحانه مفعولا لا محالة والأول هو المروي عن الحسن واختاره أبو علي الجبائي وغيره ويقرب الثاني رجوع الضمير الآتي إليه E إتفاقا والله على كل شيء قدير .
93 .
- فيقدر على إهلاكهم والإتيان بقوم آخرين وقيل : على التبديل وتغيير الأسباب والنصرة بلا مدد فتكون الجملة تتميما لما قبل وتوطئة لما بعد .
إلا تنصروه فقد نصره الله إذ أخرجه الذين كفروا من مكة وإسناد الإخراج إليهم إسناد إلى السبب البعيد فإن الله تعالى أذن له E بالخروج حين كان منهم ما كان فخرج صلى الله تعالى عليه وسلم بنفسه ثاني اثنين حال من ضميره E أي أحد اثنين من غير اعتبار كونه صلى الله تعالى عليه وسلم ثانيا فإن معنى قولهم ثالث ثلاثة ورابع أربعة ونحو ذلك أحد هذه الأعداد مطلقا لا الثالث والرابع خاصة ولذا منع الجمهور أن ينصب ما بعد أن يقال ثالث ثلاثة ورابع أربعة فلا حاجة إلى تكلف توجيه كونه E ثانيهما كما فعله بعضهم وقريء ثاني بسكون الياء على لغة من يجري الناقص مجرى المقصور في الإعراب وليس بضرورة خلافا لمن زعمه وقال : إنه من أحسن الضرورة في الشعر واستشكلت الشرطية بأن الجواب فيها ماض ويشترط فيه أن يكون مستقبلا حتى إذا كان ماضيا قلب مستقبلا وهنا لم ينقلب وأجيب بأن الجواب محذوف أقيم سببه مقامه وهو مستقبل أي إن لم تنصروه فسينصره الله تعالى الذي قد نصره في وقت ضرورة أشد من هذه المرة وإلى هذا يشير كلام مجاهد وجوز أن يكون المراد إن لم تنصروه فقد أوجب له النصرة حين نصره في مثل ذلك الوقت فلن يخذله في غيره وفرق بين الوجهين بعد إشتراكهما في أن جواب الشرط محذوف بأن الدال عليه على الوجه الأول النصرة المقيدة بزمان الضعف والقلة في السالف وعلى الوجه الثاني معرفتهم بأنه صلى الله تعالى عليه وسلم من المنصورين وقال القطب : الوجهان متقاربان إلا أن الأول مبني على القياس والثاني على الإستصحاب فإن النصرة ثابتة في تلك الحالة فتكون ثابتة في الإستقبال إذ الأصل بقاء ما كان على ما كان وقيل : إنه على الوجه الأول يقدر الجواب وعلى الثاني هو نصر مستمر فيصح ترتيبه على المستقبل لشموله له إذ هما في الغار بدل من إذ أخرجه بدل البعض إذ المراد به زمان متسع فلا يتوهم التغاير المانع من البدلية وقيل : إنه ظرف لثاني اثنين والمراد بالغار ثقب في أعلى ثور وهو جبل في الجهة اليمنى لمكة على مسير ساعة مكثا فيه كما روي عن ابن عباس رضي الله