ويعول في المهمات عليه فلملاحظة الأمن من الكد وعرق الجبين تكوى جبهته ولملاحظة الأمن من الإضطراب والطمع في إستقرار الجنب يكوى جنبه ولملاحظة إستناد الظهر والإتكال على ما يزعم أنه الركن الأقوى والوزر الأوفى يكوى ظهره وقيل غير ذلك وهي أقوال يشبه بعضها بعضا والله تعالى أعلم بحقيقة الحال .
وأيا ما كان فليس المراد أنه يوضع دينار على دينار أو درهم على درهم فيكوى بها ولا أنه يكوى بكل بأن يرفع واحد ويوضع بدله آخر حتى يؤتى على آخرها بل أنه يوسع جلد الكانز فيوضع كل دينار ودرهم على حدته كما نطقت بذلك الآثار وتظافرت به الأخبار هذا ما كنزتم على إرادة القول وبه يتعلق الظرف السابق في قول أي يقال لهم يوم يحمى عليها هذا ما كنزتم لأنفسكم أي لمنفعتها فكان عين مضرتها وسبب تعذيبها فاللام للتعليل وأنت في تقدير المضاف في النظم بالخيار ولم تجعل اللام للملك لعدم جدواه وما في قوله سبحانه : فذوقوا ما كنتم تكنزون .
53 .
- يحتمل أن تكون مصدرية أي وبال كنزكم أو وبال كونكم كانزين ورجح الأول بأن في كون كان الناقصة لها مصدر كلاما وبأن المقصود الخبر وكان إنما ذكرت لإستحضار الصورة الماضية ويحتمل أن تكون موصولة أي وبال الذي تكنزونه وفي الكلام إستعارة مكنية وتخييلية أو تبعية وقريء تكنزون بضم النون فالماضي كنز كضرب وقعد إن عدة الشهور أي مبلغ عدد شهور السنة عند الله أي في حكمه اثنا عشر شهرا وهي الشهور القمرية المعلومة إذ عليها يدور فلك الأحكام الشرعية في كتاب الله أي في اللوح المحفوظ .
وقيل : فيما أثبته وأوجب على عباده الأخذ به وقيل : القرآن لأن فيه آيات تدل على الحساب ومنازل القمر وليس بشيء يوم خلق السماوات والأرض أي في ابتداء إيجاد هذا العالم وهذا الظرف متعلق بما في كتاب الله من معنى الثبوت الدال عليه بمنطوقه أو بمتعلقه أو بالكتاب إن كان مصدرا بمعنى الكتابة والمراد أنه في ابتداء ذلك كانت عدتها ما ذكر وهي الآن على ما كانت عليه و في كتاب الله صفة اثنا عشر وهي خبر إن و عند معمول عدة لأنها مصدر كالشركة و شهرا تمييز مؤكد كما في قولك : عندي من الدنانير عشرون دينارا وما يقال : إنه لرفع الإبهام إذ لو قيل عدة الشهور عند الله اثنا عشر سنة لكان كلاما مستقيما ليس بمستقيم على ما قيل وانتصر له بأن مراد القائل إنه يحتمل أن تكون تلك الشهور في ابتداء الدنيا كذلك كما في قوله سبحانه : وإن يوما عند ربك كألف سنة ونحوه ولا مانع منه فإنه أحسن من الزيادة المحضة ولم يجوزوا تعلق في كتاب بعدة لأن المصدر إذا أخبر عنه لا يعمل فيما بعد الخبر ومن الناس من جعله بدلا من عند الله وضعفه أبو البقاء بأن فيه الفصل بين البدل والمبدل منه بخبر العامل في المبدل وجوز بعض أن يجعل اثنا عشر مبتدأ و عند خبر مقدم والجملة خبر إن أو أن الظرف لاعتماده عمل الرفع في اثنا عشر وقوله سبحانه : منها أربعة حرم يجوز أن يكون صفة لاثنا عشر وأن يكون حالا من الضمير في الظرف وأن يكون جملة مستأنفة وضمير منها على كل تقدير لاثنا عشر وهذه