فاعلموا أن الله مولاكم أي ناصركم فثقوا به ولا تبالوا بمعاداتهم نعم المولى لا يضيع من تولاه ونعم النصير .
4 .
- لا يغلب من نصره : هذا ومن باب الإشارة في الآيات فلم تقتلوهم ولكن الله قتلهم تأديب منه سبحانه لأهل بدر وهداية لهم إلى فناء الأفعال حيث سلب الفعل عنهم بالكلية ويشبه هذا من وجه قوله سبحانه : وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى والفرق أنه لما كان النبي صلى الله تعالى عليه وسلم في مقام البقاء بالحق سبحانه نسب إليه الفعل بقوله تعالى : إد رميت مع سلبه عنه بما رميت وإثباته لله تعالى في حيز الإستدراك ليفيد معنى التفصيل في عين الجمع فيكون الرامي محمدا عليه الصلاة بالله تعالى لا بنفسه ولعلو مقامه صلى الله تعالى عليه وسلم وعدم كونهم في ذلك المقام الأرفع نسب سبحانه إليه صلى الله تعالى عليه وسلم ما نسب ولم ينسب إليهم رضي الله تعالى عنهم من الفعل شيئا وهذا أحد أسرار تغيير الأسلوب في الجملتين حيث لم ينسب في الأولى ونسب في الثانية بقي سر التعبير بالمضارع المنفي بلم في إحداهما والماضي المنفي بما في الأخرى فارجع إلى فكرك فلعل الله تعالى يفتحه عليك : وليبلي المؤمنين منه بلاء حسنا أي ليعطيهم عطاء جميلا وهو توحيد الأفعال والمراد لهذا فعل ذلك إن الله سميع بخطرات نفوسكم بنسبة القتل إليكم عليم بأنه القاتل حقيقة وكونكم مظهرا لفعله وأن الله موهن كيد الكافرين لإحتجابهم بأنفسهم إن تستفتحوا الآية قيل فيها : أي تفتحوا أبواب قلوبكم بمفاتيح الصدق والإخلاص وترك السوي في طلب التجلي فقد جاءكم الفتح بالتجلي فإنه سبحانه لم يزل متجليا ولا يزال لكن لا يدرك ذلك إلا من فتح قلبه وإن إنتهوا عن طلب السوي فهو خير لكم لما فيه من الفوز بالمولى وإن تعودوا إلى طلب الدنيا وزخارفها نعد إلى خذلانكم ونكلكم إلى أنفسكم ولن تغني عنكم فئتكم الدنيوية شيئا مما لخاصته سبحانه ولو كثرت لأنها كسراب بقيعة يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله ورسوله ولا تولوا عنه وأنتم تسمعون لأن ثمرة السماع الفهم والتصديق وثمرتهما الإرادة وثمرتها الطاعة فلا تصح دعوى السماع مع الإعراض ولا تكونوا كالذين قالوا سمعنا وهم لا يسمعون لكونهم محجوبين عن الفهم إن شر الدواب عند الله الصم عن السماع البكم عن القبول الذين لا يعقلون لماذا خلقوا ولو علم فيهم خيرا إستعدادا صالحا لأسمعهم سماع تفهم ولو أسمعهم مع عدم علم الخير فيهم لتولوا ولم ينتفعوا به وارتدوا سريعا إذ شأن العارض الزوال وهم معرضون بالذات يا أيها الذين آمنوا إستجيبوا لله وللرسول بالتصفية إذا دعاكم لما يحييكم وهو العلم بالله تعالى وقد يقال : إستجيبوا لله تعالى بالباطن والأعمال القلبية وللرسول بالظاهر والأعمال النفسية أو إستجيبوا لله تعالى بالفناء في الجمع وللرسول E بمراعاة حقوق التفصيل إذا دعاكم لما يحييكم من البقاء واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه فيزول الإستعداد فانتهزوا الفرصة وأنه إليه تحشرون فيجازيكم على حسب مراتبكم واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة بل تشملهم وغيرهم بشؤم الصحبة واذكروا إذ أنتم قليل من حيث القدر لجهلكم مستضعفون في أرض النفس تخافون أن يتخطفكم الناس أي ناس القوى الحسية لضعف نفوسكم فآواكم إلى مدينة العلم وأيدكم بنصره في مقام توحيد الأفعال ورزقكم من الطيبات أي علوم تجليات الصفات لعلكم تشكرون ذلك وقد يقال : واذكروا أيها الأرواح والقلوب إذ كنتم قليلا ليس معكم غيركم إذ لم ينشأ لكم بعد الصفات والأخلاق الروحانية مستضعفون في أرض البدن تخافون أن يتخطفكم الناس من النفس وأعوانها