كونه حقا بكلماته الموحى بها في هذه القصة أو أوامره للملائكة بالإمداد أو بما قضى من أسر الكفار وقتلهم وطرحهم في قليب بدر وقريء بكلمته بالإفراد لجعل المتعدد كالشيء الواحد أو على أن المراد بها كلمة كن التي هي عند الكثير عبارة عن القضاء والتكوين ويقطع دابر الكافرين .
7 .
- أي آخرهم والمراد يهلكهم جملة من أصلهم لأنه لا يفنى الآخر إلا بعد فناء الأول ومنه سمي الهلاك دبارا والمعنى أنتم تريدون سفساف الأمور والله D يريد معاليها وما يرجع إلى علو كلمة الحق وسمو رتبة الدين وشتان بين المرادين وكأنه للإشارة إلى ذلك عبر أولا بالودادة وثانيا بالإرادة وقوله تعالى : ليحق الحق ويبطل الباطل جملة مستأنفة سيقت لبيان الحكمة الداعية إلى إختيار ذات الشوكة ونصرهم عليها مع إرادتهم لغيرها واللام متعلقة بفعل مقدر مؤخر عنها أي لهذه الحكمة الباهرة فعل ما فعل لا لشيء آخر وليس فيه مع ما تقدم تكرار إذ الأول لبيان تفاوت ما بين الإرادتين وهذا لبيان الحكمة الداعية إلى ما ذكر .
وأشار الزمخشري إلى أن هذا نظير قولك : أردت أن تفعل الباطل وأردت أن أفعل الحق ففعلت ما أردته لكذا لا لمقتضى إرادتك وليس نظير قولك : أردت أن أكرم زيدا لإكرامه ليكون فيه ما يكون ومعنى إبطال الباطل على طرز ما أشرنا إليه في إحقاق الحق ولو كره المجرمون .
8 .
- ذلك أعني إحقاق الحق وإبطال الباطل والمراد بهم المشركون لا من كره الذهاب إلى النفير لأنه جرم منهم كما قيل .
إذ تستغيثون ربكم بدل من إذ يعدكم وإن كان زمان الوعد غير زمان الإستغاثة لأنه بتأويل أن الوعد والإستغاثة وقعا في زمن واسع كما قال الطيبي قيل : وهو يحتمل بدل الكل إن جعلا متسعين وبدل البعض إن جعل الأول متسعا والثاني معيارا وجوز أن يكون متعلقا بقوله سبحانه : ليحق واعترض بأنه مستقبل لنصبه بأن وإذ للزمان الماضي فكيف يعمل بها وأجيب بأن ذلك مبني على ما ذهب إليه بعض النحاة كابن مالك من أن إذ قد تكون بمعنى إذا للمستقبل كما في قوله تعالى : فسوف يعلمون إذ الأغلال في أعناقهم .
وقد يجعل من التعبير عن المستقبل بالماضي لتحققه وقال بعض المحققين في الجواب : إن كون الإحقاق مستقبلا إنما هو بالنسبة إلى زمان ما هو غاية له من الفعل المقدر لا بالنسبة إلى زمان الإستغاثة حتى لا يعمل فيه بل هما في وقت واحد وإنما عبر عن زمانها بإذ نظرا إلى زمن النزول وصيغة الإستقبال في تستغيثون لحكاية الحال الماضية لإستحضار صورتها العجيبة وقيل : هو متعلق بمضمر مستأنف أي اذكروا وقيل : بتودون وليس بشيء والإستغاثة كما قال غير واحد : طلب الغوث وهو التخليص من الشدة والنقمة والعون وهو متعد بنفسه ولم يقع في القرآن الكريم إلا كذلك وقد يتعدى بالحرف كقوله : حتى استغاث بماء لا رشاد له من الأباطح في حافاته البرك وكذا إستعمله سيبويه وزعم أنه خطأ خطأ والظاهر أن المستغيث هم المؤمنون قيل : إنهم لما علموا أن لا محيص من القتال أخذوا يقولون : أي رب انصرنا على عدوك أغثنا يا غياث المستغيثين وقال الزهري : إنه رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم والمسلمون معه وظاهر بعض الأخبار يدل على أنه الرسول E فقد أخرج أحمد ومسلم وأبو داود والترمذي وغيرهم عن ابن عباس رضي الله تعالى