وأن عسى أن يكون قد إقترب أجلهم عطف على ملكوت فهو معمول لينظروا لكن لا يعتبر فيه بالنظر إليه أنه للإستدلال بناء على ما قالوا : إن قيد المعطوف عليه لا يلزم ملاحظته في المعطوف وقد تقدم الكلام في ذلك وأن مخففة من الثقيلة واسمها ضمير الشأن وخبرها عسى مع فاعلها الذي هو أن يكون وخبر ضمير الشأن لا يشترط فيه الخبرية ولا يحتاج إلى التأويل كما نص عليه المحققون فلا معنى للمناقشة في ذلك واسم يكون أيضا ضمير الشأن والخبر قد إقترب أجلهم ولم يجعلوا هذا من باب التنازع لأن تنازع كان وخبرها مما لم يعهد لا لأن ذلك خلاف الأصل لما فيه من الإضمار قبل الذكر لأن ذلك لازم على جعل الإسم ضمير الشأن ولا ضير في كل وأمر التكرار فيما ذكرنا سهل فلا يرتكب له خلاف المعهود خلافا للقطب الرازي وجوز أبو البقاء أن تكون مصدرية وتعقب بأنها لا توصل إلا بالفعل المتصرف وعسى ليست كذلك والمعنى أو لم ينظروا في إقتراب آجالهم وتوقع حلولها فيسارعوا إلى طلب الحق والتوجه إلى ما ينجيهم قبل معافصة الموت ومفاجأته ونزول العذاب فالمراد بأجلهم أجل موتهم وجوز أن يكون عبارة عن الساعة والإضافة إلى ضميرهم لملابستهم لها من جهة إنكارهم إياها وبحثهم عنها وقوله جل وعلا : فبأي حديث بعده يؤمنون .
581 .
- قطع لإحتمال إيمانهم رأسا ونفي له بالكلية بعد إلزام الحجة والإرشاد إلى النظر والباء متعلقة بيؤمنون وضمير بعده للقرآن على ما ذهب إليه غالب المفسرين وهو معلوم من السياق والحديث بمعنى الكلام فلا دليل في الآية لمن يزعم حدوث القرآن وقيل : ولئن سلمنا كونه دليلا يراد من القرآن الألفاظ وهي محدثة على المشهور والمعنى إذا لم يؤمنوا بالقرآن وهو النهاية في البيان فبأي كلام يؤمنون بعده وقيل : الضمير للآيات على حذف المضاف المفهوم من كذبوا والتذكير بإعتبار كونها قرآنا أو بتأويلها بالمذكور أو إجراء الضمير مجرى اسم الإشارة .
والمعنى أكذبوا بالآيات ولم يتفكروا فيما يوجب تصديقها من أحواله E وأحوال المصنوعات فبأي حديث يؤمنون وفيه بعد وقيل : إنه يعود على الرسول صلى الله تعالى عليه وسلم بتقدير مضاف أيضا أي بعد حديثه يؤمنون وهو أصدق الناس وقيل : المراد بعد هذا الحديث وقيل : بعد الأجل أي كيف يؤمنون بعد إنقضاء أجلهم وجعل الزمخشري ذلك مرتبطا بقوله تعالى : وأن عسى الخ إرتباط التسبب عنه والضمير للقرآن كأنه قيل : لعل أجلهم قد إقترب فما بالهم لا يبادرون الإيمان بالقرآن قبل الموت وماذا ينظرون بعد وضوح الحق وبأي حديث أحق منه يريدون أن يؤمنوا وتقدير ما قدر عند صاحب الكشف ليس لأنه لابد من تقديره ليستقيم الكلام بل للتنبيه على معنى الإستبطاء الذي في ضمن أي وأنه ليس بعد هذا البيان الواضح أمر ينتظر وقوله عز شأنه : من يضلل الله فلا هادي له إتئناف مقرر لما قبله مبني على الطبع على قلوبهم والمراد إستمرار النفي لا نفي الإستمرار وقوله سبحانه وتعالى : ويذرهم في طغيانهم بالياء والرفع على الإستئناف أي وهو يذرهم وقرأ غير واحد بنون العظمة على طريقة الإلتفات أي ونحن نذرهم وقرأ حمزة والكسائي بالياء والجزم عطفا على محل الجملة الإسمية الواقعة جواب الشرط كأنه قيل : من يضلل الله لا يهده أحد ويذرهم ويحتمل أن يكون ذلك تسكينا للتخفيف كما قريء يشعركم وينصركم وقد روى الجزم مع النون عن