التي هي أشنع من مخالفة الدليل ومخالفة الآخرين فيما ذهبوا إليه للعرف واللغة ذهبوا إلى أن كلامه تعالى صفة له مؤلفة من الحروف والأصوات الحادثة القائمة بذاته تعالى فهم منعوا أن كل ما هو صفة له تعالى فهو قديم وجمع قالوا : كلامه تعالى معنى واحد بسيط قائم بذاته تعالى فهم منعوا أن كلامه تعالى مؤلف من الحروف والأصوات وكثر في حقهم القال والقيل والنزاع الطويل وبعضهم تحير فوقف وحبس ذهنه في مسجد الدهشة وأعتكف وعندى القياسان صحيحان والنتيجتان صادقتان ولكل مقام مقال ولكل كلام أحوال ولا أظنك تحوجني إلى اتفصيل بعد ما وعاه فكرك الجميل بل ولا تكلفني رد هذه الأقوال اشنيعة التي هي لديك إذا أخذت العناية بيديك كسراب بقيعة فليطر شحرور القلم إلى روضة أخرى وليغرد بها بفائدة لعلها أولى من الإطالة وأحرى والله سبحانه وتعالى الموفق للصواب لا رب غيره .
الفائدة الخامسة في بيان المراد بالأحرف السبعة التي نزل بها القرآن أقول روى أحد وعشرون صحابيا حديث نزول القرآن على سبعة أحرف حتى نص أبو عبيدة على تواتره وفي مسند أبي يعلى أن عثمان Bه قال على المنبر أذكر الله رجلا سمع النبي قال إن القرآن أنزل على سبعة أحرف كلها شاف كاف لما قام فقاموا حتى لم يحصوا فشهدوا بذلك فقال وأنا أشهد معهم وأختلف في معناه على أقوال أحدها أنه من المشكل الذي لا يدري لإشتراك الحرف وفيه أن مجرد الإشتراك لا يستدعي ذلك اللهم إلا أن يكون بالنظر إلى هذا القائل ثانيها أن المراد التكثير لا حقيقة العدد وقد جروا على تكثير الآحاد بالسبعة والعشرات بالسبعين والمآت بسبعمائة وسر التسبيع لا يخفى وإليه جنح عياض وفيه مع عدم ظهور معناه أن حديث أبي كما رواه النسائي أن جبريل وميكائيل أتياني فقعد جبريل عن يميني وميكائيل عن يساري فقال جبريل أقرأ القرآن على حرف فقال ميكائيل أستزده حتى بلغ سبعة أحرف ونحوه من الأحاديث لا سيما حديث أبي بكرة الذي في آخره فنظرت إلى ميكائيل فسكت فعلمت أنه قد إنتهت العدة أقوى دليل على إرادة الإنحصار بل في جمع القلة نوع إشارة إلى عدم الكثرة كما لا يخفى ثالثها إن المراد بها سبع قرآت وفيه أن ذلك لا يوجد في كلمة واحدة إلا نادر والقول أن كلمة تقرأ بوجه أو وجهين إلى سبع يشكل عليه ما قريء على أكثر اللهم إلا أن يقال ورد ذلك مورد الغالب وفيه مالا يخفى حتى قال السيوطي قد ظن كثير من القوم أن المراد بها القرآت السبعة وهو جهل قبيح فتدبر رابعها أن المراد بها سبعة أوجه من المعاني المتفقة على ألفاظ مختلفة نحو أقبل وتعال وهلم وعجل وأسرع وإليه ذهب إبن عيينة وجمع وأيد برواية حتى بلغ سبعة أحرف قال : كلها شاف كاف ما لم تختم آية عذاب برحمة أو رحمة بعذاب وبما حكى أن إبن مسعود أقرأ رجلا إن شجرة الزقوم طعام الأثيم فقال الرجل طعام الأثيم فردها عليه فلم يستقم بها لسانه فقال أتستطيع أن تقول الفاجر قال نعم قال فأفعل وفيه أن ذلك كان رخصة لعسر تلاوته بلفظ واحد على الأميين ثم نسخ والإ لجازت روايته بالمعنى ولذهب التعبد بلفظه ولا تسع الخرق ولفات كثير من الأسرار والأحكام وهذا يستدعي نسخ الحديث وفيه بعد بل لا قائل به خامسها أن المراد بها كيفية النطق بالتلاوة من إدغام وإظهار وتفخيم وترقيق وإشباع ومد وقصر وتشديد وتخفيف وتليين وتحقيق وفيه أن ذلك ليس من الإختلاف