تم معنى بلغ وقيل : إن تم من الأفعال الناقصة وهذا خبره وهو خبر غريب وقيل : إنه منصوب على الظرفية وأورد عليه أنه كيف تكون الأربعين ظرفا للتمام والتمام إنما هو بآخرها إلا أن يتجوز فيه .
وقال موسى حين توجه إلى المناجاة حسبما أمر به لأخيه هارون اسم أعجمي عبراني لم يقع في كلام العرب بطريق الأصالة ويكتب بدون ألف وهو هنا بفتح النون على أنه مجرور بدلا من أخيه أو بيانا له أو منصوب مفعولا به لمقدر أعني أعني وقريء شاذا بالضم على أنه خبر مبتدأ محذوف هو هو أو منادى حذف منه حرف النداء أي ياهرون اخلفني أي كن خليفتي في قومي وراقبهم فيما يأتون وما يذرون واستخلافه عليه السلام لأخيه مع أنه عليه السلام كان نبيا مرسلا مثله قيل : لأن الرياسة كانت له دونه واجتماع الرياسة مع الرسالة والنبوة ليس أمرا لازما كما يرشد إلى ذلك سير قصص أنبياء بني إسرئيل وذكر الشيخ الأكبر قدس سره في فتوحاته أن هرون ذكر له أنه نبي بحكم الأصالة ورسول بحكم التبعية فلعل هذا الإستخلاف من آثار تلك التبعية وقيل : إن هذا كما يقول أحد المأمورين بمصلحة للآخر إذا أراد الذهاب لأمر : كن عوضا عني على معنى ابذل غاية وسعك ونهاية جهدك بحيث يكون فعلك فعل شخصين وأصلح مايحتاج إلى الإصلاح من أمور دينهم أو كن مصلحا على أنه منزل منزلة اللأزم من غير تقدير مفعول .
وعن ابن عباس أنه يريد الرفق بهم والإحسان إليهم وقيل : المراد احملهم على الطاعة والصلاح ولاتتبع سبيل المفسدين .
241 .
- أي ولا تتبع سبيل من سلك الإفساد بدعوة وبدونها وهذا من باب التوكيد كما لايخفى ولما جاء موسى لميقاتنا أي لوقتنا الذي وقتناه أي لتمام الأربعين واللام للإختصاص كما في قوله سبحانه : لدلوك الشمس وهي بمعنى عند عند بعض النحويين وكلمه ربه من غير واسطة بحرف وصوت ومع هذا لايشبه كلام المخلوقين ولا محذور في ذلك كما أوضحناه في الفائدة الرابعة وإلى ماذكر ذهب السلف الصالح وقد أخرج البزار وابن أبي حاتم وأبو نعيم في الحلية والبيهقي في الأسماء والصفات عن جابر قال : قال رسول الله تعالى عليه وسلم : لما كلم الله تعالى موسى يوم الطور كلمه بغير الكلام الذي كلمه يوم ناداه فقال له موسى : يارب أهذا كلامك الذي كلمتني به قال ياموسى : أنا كلمتك بقوة عشرة آلاف لسان ولي قوة الألسن كلها وأقوى من ذلك فلما رجع موسى إلى بني إسرائيل قالوا : ياموسى صف لنا كلام الرحمن فقال : لاتستطيعونه ألم تروا إلى صوت الصواعق الذي يقبل في أحلى حلاوة سمعتموه فذاك قريب منه وليس به .
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وصححه عن أبي الحويرث عبدالرحمن بن معاوية قال : إنما كلم الله تعالى موسى بقدر مايطيق من كلامه ولو تكلم بكلامه كله لم يطقه شيء وأخرج جماعة عن كعب قال : لما كلم الله تعالى موسى كلمه بالألسنة كلها فجعل يقول : يارب لاأفهم حتى كلمه آخر الألسنة بلسانه بمثل صوته الخبر وأخرجوا عن ابن كعب القرظي أنه قال : قيل لموسى عليه السلام ماشبهت كلام ربك مما خلق فقال عليه السلام : بالرعد الساكن وأخرج الديلمي عن أبي هريرة مرفوعا لما خرج أخي موسى إلى مناجاة ربه كلمه ألف كلمة ومائتي كلمة فأول ماكلمه بالبربرية ونقل عن الأشعري أن موسى