أو منصوب على جواب الإستفهام كما ينصب بعد الفاء وعلى ذلك قول الحطيئة : ألم أك جاركم ويكون بيني وبينكم المودة والإخاء والمعنى كيف يكون الجمع بين تركك موسى عليه السلام وقومه مفسدين في الأرض وتركهم إياك الخ أي لايمكن وقوع ذلك وقرأ الحسن ونعيم بن ميسرة بالرفع على أنه عطف على تذر أو إستئناف أو حال بحذف المبتدأ أي وهو يذرك لأن الجملة المضارعية لاتقترن بالواو على الفصيح والجملة تقدير الإستئناف معترضة مؤكدة لمعنى ما سبق أي تذره وعادته تركك ولابد من تقدير هو على ماقال الطيبي كما في احتمال الحال ليدل على الدوام وعلى تقدير الحالية تكون مقررة لجهة الإشكال وعن الأشهب أنه قرأ بسكون الراء وخرج ذلك ابن جني على أنه تركت الضمة للتخفيف كما في قراءة أبي عمرو يأمركم باسكان الراء استقلالا للضمة عند توالي الحركات واختاره أبو البقاء وقيل : إنه عطف على ماتقدم بحسب المعنى ويقال له في غير القرآن عطف التوهم كأنه قيل : يفسدوا ويذرك كقوله تعالى : فأصدق وأكن من الصالحين وءالهتك أي معبوداتك يروى أنه كان يعبد الكواكب فهي آلهته وكان يعتقد أنها المربية للعالم السفلي مطلقا وهو رب النوع الإنساني وعن السدي أن فرعون كان قد اتخذ لقومه أصناما وأمرهم أن يعبدوها تقربا إليه ولذلك قال : أن ربكم الأعلى وقيل : إنه كانت له بقرة يعبدها وكان إذا رأى بقرة حسنة أمر قومه بعبادتها ولذلك أخرج السامري لبني إسرائيل عجلا وهو رواية ضعيفة عن ابن عباس وقال سليمان التيمي : بلغني أنه كان يجعل في عنقه شيئا يعبده وأمر الجمع عليه يحتاج إلى عناية وقرأ ابن مسعود والضحاك ومجاهد والشعبي و إلهتك كعبادتك لفظا ومعنى فهو مصدر .
وأخرج غير واحد عن ابن عباس أنه كان ينكر قراءة الجمع بالجمع ويقرأ بالمصدر ويقول : إن فرعون كان يعبد ولا يعبد ألا ترى قوله : ما علمت لكم من إله غيري ومن هنا قال بعضهم : الأقرب أنه كان دهريا منكرا للصانع وقيل : الألهة اسم للشمس وكان يعبدها وأنشد أبو علي : .
وأعجلنا الألهة أن تؤبا .
قال مجيبا لهم سنقتل أبناءهم ونستحيي نساءهم كما كنا نفعل بهم ذلك من قبل ليعلم أنا على ما كنا عليه من القهر والغلبة ولا يتوهم أنه المولود الذي حكم المنجمون والكهنة بذهاب ملكنا على يده وقرأ ابن كثير ونافع سنقتل بالتخفيف والتضعيف كما في موتت الإبل .
وإنا فوقهم قاهرون .
721 .
- أي غالبون كما كنا لم يتغير حالنا وهم مقهورون تحت أيدينا وكان فرعون قد أنقطع طمعه عن قتل موسى عليه السلام فلم يعد الملأ بقتله لما رأى من علو أمره وعظم شأنه وكأنه لذلك لم يعد بقتل قومه أيضا والظاهر على ماقيل : إن هذا من فرعون بيان لأنهم لا يقدرون على أن يفسدوا في الأرض وإيذان بعدم المبالاة بهم وأن أمرهم فيما بعد كأمرهم فيما قبل وأن قتلهم عبث لاثمرة فيه وذكر الطيبي أنه من الاسلوب الحكيم وإن صدر من الأحمق وأن الجملة الاسمية كالتذليل لما قبلها فافهم .
قال موسى لقومه تسلية لهم حين تضجروا مما سمعوا بأسلوب حكيم استعينوا بالله واصبروا على ماسمعتم من الأقاويل الباطلة إن الأرض لله أي أرض مصر أو الأرض مطلقا وهي داخلة فيها دخولا أوليا