حذفت الهمزة وسكنت الهاء لتشبيه المنفصل بالمتصل وجعل جه و كابل في إسكان وسطه وبذلك قرأ أبو عمرو وأبوبكر ويعقوب على أنه من أرجأت وكذلك قراءة ابن كثير وهشام وابن عامر أرجئهو بهمزة ساكنة وهاء متصلة بواو الإشباع .
وقرأ نافع في رواية ورش وإسماعيل والكسائي أرجهي بهاء مكسورة بعدها ياء من أرجيت وفي رواية قالون أن أرجه بحذف الياء للإكتفاء عنها بالكسرة وقرأ ابن عامر برواية ابن ذكوان أرجئه بالهمزة وكسر الهاء وقد ذكر بعضهم أن ضم الهاء وكسرها والهمز وعدمه لغتان مشهورتان وهل هما مادتان أو الياء بدل من الهمزة كتوضات وتوضيت قولان وطعن في القراءة على رواية ابن ذكوان فقال الحوفي : إنها ليست بجيدة وقال الفارسي : إن ضم الهاء مع الهمزة لايجوز غيره وكسرها غلط لأن الهاء لاتكسر إلا بعد ياء ساكنة أو كسرة وأجيب كماقال الشهاب عنه بوجهين : أحدهما أن الهمزة ساكنة والحرف الساكن حاجز غير حصين فكأن الهاء وليت الجيم المكسورة فلذا كسرت والثاني أن الهمزة عرضة للتغيير كثيرا بالحذف وإبدالها ياء إذا سكنت بعد كسرة فكأنها وليت ياء ساكنة فلذا كسرت وأورد على ذلك أبو شامة أن الهمزة تعد حاجزا وأن الهمزة لو كانت ياء كان المختار الضم نظرا لأصلها وليس بشيء بعد أن قالوا : إن القراءة متواترة وما ذكر لغة ثابتة عن العرب هذا واستشكل الجمع بين ماهنا وما في الشعراء فإن فيها قال للملأ حوله إن هذا لساحر عليم يريد أن يخرجكم من أرضكم بسحره فماذا تأمرون وهو صريح في أن إن هذا لساحر إلى فماذا تأمرون كلام فرعون وماهنا صريح في نسبة قول ذلك للملأ والقصة واحدة فكيف يختلف القائل في الموضعين وهل هذا إلا منافاة وأجيب بأنه لا منافاة لأحتمالين الأول أن هذا الكلام قاله فرعون والملأ من قومه فهو كوقع الحافر على الحافر فنقل في الشعراء كلامه وهنا كلامهم والثاني أن هذا الكلام قاله فرعون ابتداء ثم قاله الملأ إما بطريق الحكاية لأولادهم وغيرهم وإما بطريق التبليغ لسائر الناس فما في الشعراء كلام فرعون ابتداء وما هنا كلام الملأ نقلا عنه .
واختار الزمخشري أن ما هنا هو قول الملأ نقلا عن فرعون بطريق التبليغ لاغير لأن القوم لما سمعوه خاطبوا فرعون بقولهم : أرجه الخ ولو كان ذلك كلام الملأ ابتداء لكان المطابق أن يجيبوهم بارجئوا ولا سبيل إلى أنه كان نقلا بطريق الحكاية لأنه حينئذ لم يكن مؤامرة ومشاورة مع القوم فلم يتجه جوابهم أصلا فتعين أن يكون بطريق التبليغ فلذا خاطبوه بالجواب بقي أن يقال هذا الجواب بالتأخير في الشعراء كلام الملأ لفرعون وههنا كلام سائر القوم ولكن لا منافاة لجواز تطابق الجوابين وقول شيخ الإسلام : إن كون ذلك جواب العامة يأباه أن الخطاب لفرعون وأن المشاورة ليست من وظائفهم ليس بشيء لأن الأمر العظيم الذي تصيب تبعته أهل البلد يشاور فيه الملك الحازم عوامهم وخواصهم وقد يجمعهم لذلك ويقول لهم : ماذا ترون فهذا أمر لايصيبني وحدي ورب رأي حسن عند من لم يظن به على أن في ذلك جمعا لقلوبهم عليه وعلى الإحتفال بشأنه وقد شاهدنا أن الحوادث العظام يلتفت فيها إلى العوام وأمر موسى عليه السلام كان من أعظم الحوادث عند فرعون بعد أن شاهد منه ما شاهدا ثم أنهم إختلفوا في قوله تعالى : فماذا تأمرون فقيل : إنه من تتمة كلام الملأ واستظهره غير واحد لأنه مسوق مع كلامهم من غير فاصل فالأنسب أن يكون من بقية كلامهم وقال الفراء والجبائي : إن كلام الملأ قد تم عند قوله سبحانه : يريد