المخالفة فأخذتهم الرجفة لضعف قلوبهم وعدم قوة علمهم فاصبحوا في دارهم جاثمين موتى لاحراك بهم إلى حضيرة القدس .
وذكر البعض أن الناقة والسقب صورتا الايمان بالله تعالى والايمان برسوله E وقد ظهرا بالذات وبالواسطة من الحجر الذي تشبهه قلوب القوم وعقرهم الناقة من قبيل ذبح يحيى عليه السلام للموت الظاهر في الكبش يوم القيامة وفي ذلك دليل على انهم أسوأ الناس استعدادا وأتمهم حرمانا ويدل على سوء حالهم أن الشيخ الأكبر قدس سره لم ينظمهم في فصوص الحكم في سلك قوم نوح عليه السلام حيث حكم لهم بالنجاة على الوجه الذي ذكره وكذا لم ينظم في ذلك السلك قوم لوط عليه السلام وكأن لمزيد جهلهم وبعدهم عن الحكمة واتيانهم البيوت من غير أبوابها وقذارتهم ودناءة نفوسهم والذي عليه المتشرعون أن أولئك الاقوام كلهم حصب جهنم لاناجي فيهم والله تعالى أحكم الحاكمين .
وإلى مدين أخاهم شعيبا عطف على ما مر والمراد أرسلنا إلى مدين الخ ومدين وسمع مديان في الأصل علم لابن ابراهيم الخليل عليه السلام ومنع صرفه للعلمية والعجمةثم سميت به القبيلة وقيل : هو عربي اسم لماء كانوا عليه وقيل : اسم بلد ومنع صرفه للعلمية والتأنيث فلابد من تقدير مضاف حينئذ أي أهل مدين مثلا أو المجاز والياء على هذا عند بعض زائدة وعن ابن بري الميم زائدة إذ ليس في كلامهم فعيل وفيه مفعول .
وقال آخرون إنه شاذ كمريم إذ القياس اعلاله كمقام وعند المبرد ليس بشاذ قيل وهو الحق لجريانه على الفعل وشعيب قيل تصغير شعب بفتح فسكون اسم جبل أو شعب بكسر فسكون الطريق في الجبل واختير أنه وضع مرتجلا هكذا والقول بأن القول بالتصغير باطل لأن أسماء الانبياء عليهم الصلاة والسلام لايجوز تصغيرها فيه نظر لأن الممنوع التصغير بعد الوضع لا المقارن له ومدعي ذلك قد يدعي هذا وهو على ما وجد بخط النووي في تهذيبه ابن ميكيل بن يشجر بن مدين بن أبراهيم عليه السلام وقيل : ابن ميكيل بن يشجر بن لاوي ابن يعقوب وبعضهم يقول : ميكائيل بدل ميكيل ونقل ذلك عن خط الذهبي في اختصار المستدرك وآخر يقول ملكاني بدله .
وذكر أن أم ميكيل بنت لوط عليه السلام واخرج ابن عساكر من طريق اسحق بن بشر عن الشرقي ابن القطامي وكان نسابة أن شعيبا هو يثروب بالعبرانية وهو ابن عيفاء بن يوبب بمثناة تحتية أوله وواو وموحدتين بوزن جعفر بن ابراهيم عليه السلام وقيل : في نسبه غير ذاك وكان النبي صلى الله عليه وسلّم كما أخرج ابن عساكر عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما إذا ذكر شعيب يقول : ذلك خطيب الانبياء لحسن مراجعته لقومه أي محاورته لهم وكأنه كما قيل عنى E ما ذكر في هذه السورة كما يعلم بالتأمل فيه وبعث رسولا إلى أمتين مدين وأصحاب الأيكة قال السدي وعكرمة رضي الله تعالى عنهما ما بعث الله تعالى نبيا مرتين إلا شعيبا مرة إلى مدين فاخذهم الله تعالى بالصيحة ومرة إلى أصحاب الأيكة فاخذهم الله تعالى بعذاب يوم الظلة .
وأخرج ابن عساكر في تأريخه من حديث عبد الله بن عمر مرفوعا أن قوم مدين وأصحاب الايكة امتان بعث الله تعالى اليهما شعيبا وهو كما قال ابن كثير غريب وفي رفعه نظر واختار أنهما أمة واحدة