أي أرض البدن بعد اصلاحها بالاستعداد وادعوه خوفا وطمعا لئلا يلزم اهمال أحدى صفتي الجلال والجمال وهو الذي يرسل الرياح أي رياح العناية بين يدي رحمته أي تجلياته حتى إدا أقلت حملت سحابا ثقالا بأمطار المحبة سقناه لبلد قلب ميت فانزلنا به الماء ماء المحبة فاخرجنا به من كل الثمرات من المشاهدات والمكاشفات كذلك نخرج الموتى القلوب الميتة من قبور الصدور لعلكم تذكرون أيام حياتكم في عالم الأرواح حيث كنتم في رياض القدس وحياض الأنس والبلد الطيب وهو ما طاب استعداده يخرج نباته باذن ربه حسنا غزيرا نفعه والذي خبث وهو ما ساء استعداده لايخرج إلا نكدا لاخير فيه لقد أرسلنا نوحا أي نوح الروح إلى قومه من القلب واعوانه والنفس واعوانها فكذبوه فأنجيناه والذين معه كالقلب وأعوانه في الفلك وهو سفينة الاتباع وأغرقنا الذين كذبوا بآياتنا في بحار الدنيا ومياه الشهوات إنهم كانوا قوما عمين عن طريق الوصول ورؤية الله تعالى وعلى هذا المنوال ينسج الكلام في باقي الآيات .
ولمولانا الشيخ الأكبر قدس سره في هؤلاء القوم ونحوهم كلام تقف الافكار دونه حسرى فمن أراده فليرجع إلى الفصوص يرى العجب العجاب والله تعالى الهادي إلى سبيل الرشاد وإلى ثمود أخاهم صالحا عطف على ما سبق من قوله تعالى والى عاد أخاهم موافق له في تقديم المجرور على المنصوب ثمود قبيلة من العرب كانت مساكنهم الحجر بين الحجاز والشام الى وادي القرى وسميت باسم أبيهم الأكبر ثمود بن عامر بن أرم ابن سام بن نوح وقيل ابن عاد بن عوص بن ارم الخ وهو المنقول عن الثعلبي .
وقال عمرو بن العلاء : إنما سموا بذلك لقلة مائهم فهو من ثمد الماء إذا قل والثمد الماء القليل وورد فيه الصرف وعدمه أما الأول فباعتبار الحي أو لأنه لما كان في الأصل اسما للجد أو للقليل من الماء كان مصروفا لأنه علم مذكر أو اسم جنس فبعد النقل حكي أصله وأماالثاني فباعتبار أنه اسم القبيلة ففيه العلمية والتأنيث .
وصالح عليه السلام من ثمود فالأخوة نسبية وهو على ما قال محيي السنة البغوي ابن عبيد بن أسف بن ماشح ابن عبيد بن حاذر بن ثمود وهو أخوصسم وجديس فيما قيل وقال وهب : هو ابن عبيد بن جابر بن ثمود بن جابر بن سام بن نوح بعث إلى قومه حين راهق الحلم وكان رجلا احمر الى البياض سبط الشعر فلبث فيهم أربعين عاما وقال الشامي : انه بعث شابا فدعا قومه حتى شمط وكبر ونقل النووي أنه أقام فيهم عشرين سنة ومات بمكة وهو ابن ثمان وخمسين سنة .
قا يا قوم اعبدوا الله مالكم من إله غيره قد مر الكلام في نظائره قد جاءتكم بينة أي آية ومعجزة ظاهرة الدلالة شاهدة بنبوتي وهي من الألفاظ الجارية مجرى الابطح والأبرق في الاستغناء عن ذكر موصوفاتها حالة الافراد والجمع والتنوين للتفخيم أي بينة عظيمة من ربكم متعلق بمحذوف وقع صفة لبينة على ما مر غير مرة أو بجاءتكم و من لابتداء الغاية مجازا أو للتبعيض أن قدر من بيانت ربكم والمراد بهذه البينة الناقة وليس في هذا الكلام منه عليه السلام أول ما خاطبهم به أثر الدعوة إلى التوحيد بل إنما قاله بعدما نصحهم وذكرهم بنعم الله تعالى فلم يقبلوا كلامه وكذبوه كما ينبيء عن ذلك ما في سورة هود وقوله تعالى : هذ ناقة الله لكم ءاية استئناف نحوي مسوق لبيان البينة والمعجزة وجوز أن يكون استئنافا بيانيا