أنه إذا سمع المؤمن أن الهلاك اختص بالمكذبين وعلم أن سبب النجاة هو الايمان تزيد رغبته فيه ويعظم قدره عنده ونظيره في في اعتبار شرف الايمان الذين يحملون العرش الآية وقال بعضهم فائدة ذلك بيان أنه كان المعلوم من حالهم أنه سبحانه لو لم يهلكهم ما كانوا ليؤمنوا كما قال جل شأنه في آية أخرى ولقد أهلكنا القرون من قبلكم لما ظلموا وجاءتهم رسلهم بالبينات وما كانوا ليؤمنوا فهو كالعذر عن عدم امهالهم والصبر عليهم .
وسر تقديم حكاية الانجاء على حكاية الاهلاك يعلم ما تقدم وقصتهم على ماذكر السدي ومحمد بن اسحق وغيرهما أن عادا قوم كانوا بالاحقاف وهي رمال بين عمان وحضر موت وكانوا قد فشوا في الأرض كلها وقهروا أهلها وكانت لهم أصنام يعبدونها وهي صداء وصمود والهباء فبعث الله تعالى أليهم هودا عليه السلام نبيا وهو من أوسطهم نسبا وأفضلهم حسبا فأمرهم بالتوحيد والكف عن الظلم فكذبوه وازدادوا عتوا وتجبرا وقالوا : من أشد منا قوة فأمسك الله عنهم المطر ثلاث سنين حتى جهدهم ذلك وكان الناس إذ ذاك إذا نزل بهم بلاء طلبوا رفعه من الله تعالى عند بيته الحرام مسلمهم ومشركهم وأهل مكة يومئذ العمالقة أولاد عمليق بن لاوذ بن سام بن نوح وسيدهم معاوية بن بكر وكانت أمه كهلدة من عاد فجهزت عاد إلى الحرم من أماثلهم سعين رجلا منهم قيل بن عنز ولقيم بن هزال ولقمان بن عاد الأصغر ومرثد بن سعد الذي كان يكتم اسلامه وجلهمة خال معاوية بن بكر فلما قدموا مكة نزلوا على معاوية وكان خارجا من الحرم فانزلهم وأكرمهم إد كانوا أخواله وأصهاره فاقاموا عنده شهرا يشربون الخمر وتغنيهم قينتان لمعاوية اسم احداهما وردة والاخرى جرادة ويقال لهم الجرادتان عى التغليب فلما رأى طول مقامهم وذهولهم باللهو عما قدموا له شق ذلك عليه وقال هلك أصهاري وأخوالي وهؤلاء على ماهم عليه وكان يستحي أن يكلمهم خشية أن يظنوا به ثقل مقامهم عنده فشكا ذلك لقينتيه فقالتا قل شعرا نغنيهم به ولا يدرون من قاله لعل ذلك يحركهم فقال : الا يا قيل ويحك قم فهينم لعل الله يسقينا غماما فتسقى أرض عاد إن عادا قد أمسوا ما يبينون الكلاما من العطش الشديد فليس نرجو به الشيخ الكبير ولا الغلاما وقد كانت نساؤهم بخير فقد أمست نساؤهم عياما وإن الوحش تأتيهم جهارا ولا تخشى لعادي سهاما وأنتم ههنا فيما اشتهيتم نهاركم وليلكم التماما فقبح وفدكم من وفد قوم ولا لقوا التحية والسلاما فلما غنتا بذلك قال بعضهم لبعض ياقوم إنما بعثكم قومكم يتغوثون بكم من البلاء الذي نزل بهم وقد أبطأتم عليهم فادخلوا هذا الحرم واستسقوا لقومكم فقال مرثد بن سعد والله لاتسقون بدعائكم ولكن إن أطعتم نبيكم وأنبتم إلى ربكم سقيتم فاظهر اسلامه عند ذلك وقال : عصت عاد رسولهم فأمسوا عطاشا ما ثبلهم السماء لهم صنم يقال له صمود يقابله طاء والهباء فبصرنا الرسول سبيل رشد فأبصرنا الهدى وخلا العماء