في كلامهم وربك الغني اي لا غني عن كل شيء كائنا ما كان إلا هو سبحانه فلا احتياج له عز شأنه إلى العباد ولا إلى عبادتهم ولا يخفى ما في التعرض لعنوان الربوبية من الاظهار في مقام الاضمار والاضافة إلى ضميره E من اللطف الجزيل والكلام مبتدأ وخبر وقوله سبحانه : ذو الرحمة خبر ءاخر وجوز أن يكون هو الخبر و الغني صفة أي الموصوف بالرحمة العامة فيترحم على العباد بالتكلف تكميلا لهم ويمهلهم على المعاصي إلى ما شاء وفي ذلك تنبيه على أن ماتقدم ذكره من الارسال ليس لنفعه بل لترحمه على العباد وتوطئة لقوله سبحانه : إن يشأ يذهبكم أي ما به حاجة إليكم أصلا إن يشأ يذهبكم أيها العصاة أو أيها الناس بالاهلاك وفي تلوين الخطاب من تشديد الوعيد ما لا يخفى ويستخلف من بعدكم أي وينشيء من بعد إذهابكم ما يشاء من الخلق وإيثار ما على من لاظهار كمال الكبرياء واسقاطهم عن رتبة العقلاء كما أنشأكم من ذرية قوم آخرين .
331 .
- أي من نسل قوم آخرين لم يكونوا على مثل صفتكم وهم أهل سفينة نوح عليه السلام لكنه سبحانه أبقاكم ترحما عليكم وما في كما مصدرية ومحل الكاف النصب على المصدرية أو الوصفية لمصدر الفعل السابق أي وينشيء إنشاء كأنشائكم او يستخلف استخلافا كائنا كانشائكم و من لابتداء الغاية وقيل : هي بمعنى البدل والشرطية استئناف مقرر لمضمون ما قبلها من الغنى والرحمة إن ما توعدون أي ان الذي توعدونه من القيامة والحساب والعقاب والثواب وتفاوت الدرجات والدركات وصيغة الاستقبال للدلالة على الاستمرار التجددي و ما اسم ان ولا يجوز أن تكون الكافة لأن قوله سبحانه : لات يمنع من ذلك كما قال أبو البقاء هو خبر ان والمراد أن ذلك لواقع لا محالة وإيثار آت على واقع لبيان كمال سرعة وقوعه بتصويره بصورة طالب حثيث لا يفوته هارب حسبما يعرب عنه قوله تعالى : وما أنتم بمعجزين .
431 .
- أي جاعلي من طلبكم عاجزا عنكم غير قادر على إدراككم .
وأخرج أبو الشيخ عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أن المعنى وما أنتم بسابقين وإيثار صيغة الفاعل على المستقبل للايذان بقرب الاتيان والدوام الذي يفيده العدول عن الفعلية إلى الاسمية متوجه إلى النفي فالمراد دوام انتفاء الاعجاز لا بيان دوام انتفائه وله نظائر في الكتاب الكريم .
قل يا قوم أمر له صلى الله تعالى عليه وسلم أن يواجه الكفار بتشديد التهديد وتكرير الوعيد ويظهر لهم ما هو عليه من غاية التصلب في الدين ونهاية الوثوق بامره وعدم المبالاة بهم أصلا اثر ما بين لهم حالهم ومآلهم أي قل يا محمد لهؤلاء الكفار اعملوا على مكانتكم أي على غاية تمكنكم واستطاعتكم على أن المكانة مصدرمكن إذا تمكن أبلغ التمكن وجوز أن يكون ظرفا بمعنى المكان كالمقام والمقامة ومن هنا فسره ابن عباس رضي الله تعالى عنهما كما رواه ابن المنذر عنه بالناحية وتجوز به عن ذلك من فسره بالحالة أي اعملوا على حالتكم التي أنتم عليها .
وقرأ أبو بكر عن عاصم مكانتكم على الجمع في كل القرآن وزعم الواحدي أن الوجه الافراد وفيه نظر والمعنى اثبتوا على كفركم ومعاداتكم لي إني عامل على مكانتي أي ثابت على الاسلام وعلى مصابرتكم