أي بالبؤس والضر .
وأخرج أبو الشيخ عن ابن جبير إنه قال : خوف السلطان وغلاء السعر وقيل : البأساء القحط والجوع والضراء المرض ونقصان الانفس والأموال وهما صيغتا تأنيث لا مذكر لهما على أفعل كأحمر حمراء كما هو القياس فانه لم يقل أضر واباس صفة بل للتفضيل لعلهم يتضرعون .
24 .
- أي لكي يتذللوا فيدعوا ويتوبوا من كفرهم فلولا إذ جاءهم بأسنا تضرعوا أي فلم يتضرعوا حينئذ مع وجود المقتضى وانتفاء المانع الذي يعذرون به ولولا عند الرهوي تكون نافية حقيقية وجعل من ذلك قوله تعالى فلولا كانت قرية آمنت فنفعها إيمانها إلا قوم يونس والجمهور حملوه على التوبيخ والتنديم وهو يفيد الترك وعدم الوقوع ولذا ظهر الاستدراك والعطف في قوله تعالى ولكن قست قلوبهم وليست لولا هنا تحضيضية كما توهم لأنها تختص بالمضارع واختار بعضهم ما ذهب اليه الهروي ولما كان التضرع ناشئا من لين القلب كان نفيه نفيه فكأنه قيل فما لانت قلوبهم ولكن قست وقيل : كان الظاهر أن يقال لكن يجب عليهم التضرع إلا أنه عدل إلى ما ذكر لأن قساوة القلب التي هي المانع يشعر بأن عليهم ما ذكر ومعنى قست الخ استمرت على ما هي عليه من القساوة أو ازدادت قساوة وزين لهم الشيطان ما كانوا يفعلون .
34 .
- من الكفر والمعاصي فلم يخطروا ببالهم أن ما اعتراهم من البأساء والضراء ما اعتراهم إلا لأجله والتزيين له معان أحدهما إيجاد الشيء حسنا مزينا في نفس الأمر كقوله تعالى زينا السماء الدنيا والثاني جعله مزينا من غير إيجاد كتزيين الماشطة العروس والثالث جعله محبوبا للنفس مشتهى للطبع وإن لم يكن في نفسه كذلك وهذا إما بمعنى خلق الميل في النفس والطبع وإا بمعنى تزويقه وترويجه بالقول وما يشبهه كالوسوسة والاغراء وعلى هذا يبنى أمر اسناده فانه جاء في النظم الكريم تارة مسندا إلى الشيطان كما في هذه الآية وتارة اليه سبحانه كما في قوله سبحانه وكذلك زينا لكل أمة عملهم وتارة إلى البشر كقوله D زين لكثير من المشركين قتل أولادهم شركاؤهم فان كان بالمعنى الأول فاسناده إلى الله تعالى حقيقة وكذلك إذا كان بالمعنى الثالث بناء على المراد منه أولا وإن كان بالمعنى الثاني أو الثالث بناء على المراد منه ثانيا فاسناده إلى الشيطان أو البشر حقيقة ولا يمكن إسناد ما يكون بالاغواء والوسوسة اليه سبحانه كذلك وجاء أيضا غير مذكور الفاعل كقوله سبحانه زين للمسرفين وحينئذ يقدر في كل مكان ما يليق به وقد مر لك ما يتعلق بهذا البحث فتذكر .
فلما نسوا ما ذكروا به أي تركوا ما دعاهم الرسل عليهم الصلاة والسلام اليه وردوه عليهم ولم يتعظوا به كما روي عن ابن جريج وقيل : المراد أنهم انهمكوا في معاصيهم ولم يتعظوا بما نالهم من البأساء والضراء فلما لم يتعظوا فتحنا عليهم أبواب كل شيء من النعم الكثيرة كالرخاء وسعة الرزق مكرا بهم واستدراجا لهم .
فقد روى أحمد والطبراني والبيهقي في شعب الايمان من حديث عقبة بن عامر مرفوعا إذا رأيت الله تعالى يعطي العبد في الدنيا وهو مقيم على معاصيه فانما هو استدراج ثم تلا رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم فلما نسوا الآية وما بعدها وروي عن الحسن انه لما سمع الآية قال مكر بالقوم ورب الكعبة اعطوا حاجتهم ثم أخذؤا وقيل : المراد فتحنا عليهم ذلك الزاما للحجة وإزاحة للعلة والظاهر أن فتحنا جواب لما