حذفه هنا وقال ابو حيان : الذي يظهر لي أن الفاعل ضمير عائد على ما دل عليه المعنى من الجملة السابقة أي ولقد جاءك هذا الخبر من التكذيب وما يتبعه .
وقيل وربما يشعر به كلام الكشاف : إن من هي الفاعل والمراد بعد أنبائهم وإن كان كبر أي شق وعظم وأتي بكان على ما قيل ليقى الشرط على المضي ولا ينقلب مستقبلا لأن كان لقوة دلالته على المضي لا تقبله إن للاستقبال بخلاف سائر الافعال وهو مذهب المبرد والنحويون يؤولن ذلك بنحو وإن تبين وظهر أنه كبر عليك إعراضهم أي الكفار عن الايمان بك وبما جئت به من القرآن المجيد حسبما يفصح عنه قولهم فيه أساطير الأولين وينبيء عنه فعلهم من النأي والنهي ولعل التعبير بالاعراض دون التكذيب مع أن التسلية على ما ينبيء عنه قوله تعالى : ولقد كذبت رسل من قبلك كانت عنه لتهويل أمر التكذيب وهو فاعل كبر وتقديم الجار والمجرور لما مر مرارا والجملة خبر كان مفسرة لاسمها الذي هو ضمير الشأن ولا حاجةإلى تقدير قد وقيل : اسم كان إعراضهم و كبر مع فاعله المستتر الراجع إلى الأسم خبر لها مقدم على اسمها والكلام استئناف مسوق لتأكيد ايجاب الصبر المستفاد من التسلية ببيان أن ذلك أمر لا محيد عنه أصلا .
وفي بعض الآثار أن الحارث بن عامر بن نوفل بن عبد مناف أتى رسول الله صلى الله عليه وسلّم في محضر من قريش فقالوا : يا محمد ائتنا بآية من عند الله كما كانت الأنبياء تفعل وانا نصدقك فابى الله تعالى أن يأتيهم بآية مما اقترحوا فاعرضوا عن رسول الله A فشق ذلك عليه E لما أنه كان A شديد الحرص على ايمان قومه فكان إذا سألوه آية يود أن ينزلها الله تعالى طمعا في إيمانهم فنزلت فان استطعت أي ان قدرت وتهيأ لك أن تبتغي أي تطلب نفقا في الأرض هو السرب فيها له مخلص إلى مكان كما في القاموس وأصل معناه جحر اليربوع ومنه النافقاء لأحد منافذه ويقال لها النفقة كهمزة وهي التي يكتمها ويظهر غيرها فاذا أتي من القاصعاء ضربها برأسه فانتفق ومنه أخذ النفاق والجار متعلق بمحذوف وقع صفة نفقاوالكلام على التجريد في رأي وجوز تعلقه بتبتغي وبمحذوف وقع حالا من ضميره المستتر أي نفقا كائنا في الأرض أو تبتغي في ألأرض أو تبتغي أنت حال كونك في الأرض أو سلما في السماء أي مرقاة فيها أخذا من السلامة قال الزجاج لأنه الذي يسلمك إلى مصعدك وهو كما قال الفراء مذكر واستشهدوا لتذكيره بقوله تعالى أم لهم سلم يستمعون فيه ثم قال : وأنشدت في تأنيثه بيتا أنسيته انتهى .
قال الغضايري البيت الذي أنسيه الفراء بيت أوس وهو : لنا سلم في المجد لا يرتقونها وليس لهم في سورة المجد سلم وأنشدوا أيضا في تذكيره الشعر صعب وطويل سلمه إذا ارتقى فيه الذي لا يعلمه يريد أن يعربه فيعجمه وفي السماء نظير ما في الجار قبله من الاحتمالات فتأتيهم أي منها بآية مما اقترحوه من الآيات والفاء في صدر هذه الشرطية وجواب الشرط فيها محذوف ولك تقديره أتيت بصيغة الخبر