بشيء من ذلك ويفهم كلام البعض أنها للترتيب والتعقيب أيضا .
واستشكل بأن السبب متقدم على المسبب ولا متعقب إياه وتكلف صاحب التوضيح لتوجيهه بان ما بعد الفاء علة باعتبار معلول باعتبار ودخول الفاء عليه باعتبار المعلولية لا باعتبار العلية ورد بأنها لا تتأتى في كل محل وفي التلويح الأقرب ما ذكره القوم من أنها إنما تدخل على العلل باعتبار أنها تدوم فتتراخى عن ابتداء الحكم وفي شرح المفتاح الشريفي فان قلت : كيف يتصور ترتب السبب على المسبب قلت : من حيث أن ذكر المسبب يقتضي ذكر السبب أنتهى وعليه يظهر وجه الترتيب هنا مطلقا لكن ظاهر كلام النحاة وغيرهم أن هذه الفاء تختص بالوقوع بعد الأمر كأكرم زيدا فانه أبوك واعبد الله فان العبادة حق إلى غير ذلك فالوجه الأول أولى وليست الفاء فصيحة كما توهمه بعضهم من قول العلامة البيضاوي في بيان معنى الآية كأنه قيل : لما كانوا معرضين عن الآيات كلها كذبوا بالقرآن لأن الفاء الفصيحة لا تقدر جواب لما لأن جوابها الماضي لا يقترن بالفاء الفصيح فكيف يقدر للفاء ما يقتضي عدمها فما مراد العلامة إلا بيان حاصل المعنى ولذا أسقط الفاء نعم قيل : إن هذا المعنى مما ينبغي تنزيه التنزيل عنه وفيه تأمل .
وقد صرح بعض المحققين أن أمر الترتيب يجري في الآية سواء كانت الآية بمعنى الدليل أو المعجزة او أةية القرآنية لتغاير الاعراض والتكذيب فيها والفاء في قوله تعالى : فسوف يأتيهم أنبؤا ما كانوا به يستهزءون .
5 .
- للترتيب أيضا بناء على أن ما تقدم لكونه أمرا عظيما يقتضي ترتب الوعيد عليه وقيل : يستهزئون ايذانا بأن ما تقدم كان مقورنا بالاستهزاء .
واستدل به ابو حيان على أن في الكلام معطوفا محذوفا أي فكذبوا بالحق واستهزؤا به ولا يخفى أن ذلك مما لا ضرورة اليه وما عبارة عن الحق المذكور وعبر عنه بذلك تهويلا لأمره بابهامه وتعليلا للحكم بما في حيز الصلة والانباء جمع نبأ وهو الخبر الذي يعظم وقعه والمراد بأنباء القرآن التي تأتيهم ويتحقق مدلولها فيهم ويظهر لهم آيات وعيده وإخباره بما يحصل بهم في الدنيا بما يحصل بهم في الدنيا من القتل والسبي والجلاء ونحو ذلك من العقوبات العاجلة وقيل : المراد ما يعم ذلك والعقوبات التي تحل بهم في الآخرة من عذاب النار ونحوه وقيل : المراد بانباء ذلك ما تضمن عقوبات الآخرة أو ظهور الاسلام وعلو كلمته وظاهر ما يأتي من اةيات يرجح الأول .
وصرح بعض المحققين بأن إضافة أنباء بيانية وهو احتمال مقبول وادعاء أنه مقحم وأن المعنى سيظهر لهم ما استهزؤا به من الوعيد الواقع فيه أو من نبوة محمد صلى الله تعالى عليه وسلم أو نحو ذلك لا وجه له إذ لا داعي لاقحامه وفي البحر إنما قيد الكذب بالحق هنا وكان التنفيس بسوف وفي الشعراء فقد كذبوا فسيأتيهم بدون تقييد الكذب والتنفيس بالسين لأن الانعام متقدمة في النزول على الشعراء فاستوفى فيها اللفظ وحذف من الشعراء وهو المراد احالة على الاول وناسب الحذفالاختصار في حرف التنفيس فجيء بالسين .
ألم يروا كم أهلكنا من قبلهم من قرن استئناف مسوق لتعيين ما هو والمراد بما تقدم وقيل : شروع في توبيخهم ببذل النصح لهم والأول أظهر والرؤية عرفانية وقيل : بصرية والمراد في أسفارهم وليس بشيء وهي على التقديرين تستدعي مفعولا واحدا و كم استفهامية كانت أو خبرية معلقة لها عن العمل مفيدة للتكثير سادة مع ما في حيزها مسد مفعولها وهي منصوبة باهلكنا على المفعولية وهي عبارة