على أكثر من شرفها وأما أنه يدل على أشرفيتها فلا يكاد يسلم لأحد وكذا كون الله تعالى وصف بقاعا منها بالبركة لا يدل على أكثر مما ذكرنا ولهذا الشرف أيضا قدمت على الأرض في الذكر وقيل : إن جمع السموات وإفراد الأرض لأن السماء جارية مجرى الفاعل والأرض جارية مجرى القابل فلو كانت السماء واحدة لتشابه الأثر وهو يخل بمصالح هذا العالم وأما الأرض فهي قابلة والقابل الواحد كاف في القبول .
وحاصله أن اختلاف الآثار دل على تعدد السمماء دلالة عقلية والأرض وإن كانت متعددة لكن لا دليل عليه من جهة العقل فلذلك جمعها دون الأرض .
واعترض بأنه على ما فيه ربما يقتضي العكس وقال بعضهم : إنه لا تعدد حقيقيا في الأرض ولهذا لم تجمع وأما التعدد الوارد في بعض الأخبار نحو قوله صلى الله عليه وسلّم : من غصب قيد شبر من أرض طوقه إلى سبع أرضين فمحمول على التعدد باعتبار الأقاليم السبعة وكذا يحمل ما أخرجه أبو الشيخ والترمذي عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أنه A قال : هل تدرون ما هذه هذه أرض هل تدرون ما تحتها قالوا : الله تعالى ورسوله أعلم قال : أرض أخرى وبينهما مسيرة خمسمائة عام حتى عد سبع أرضين بين كل أرضين خمسمائة عام والتحتية لا تأبى ذلك فإن الأرض كالسماء كروية وقد يقال للشيء إذا كان بعد آخر هو تحته والمراد من قوله A : بينهما خمسمائة عام أن القوس من إحدى السموات المسامت لأول أقليم وأول الآخر خمسمائة عام ولا شك أن ذلك قد يزيد على هذا المقدار وكثيرا ما يقصد من العدد التكثير لا الكم المعين .
وقوله تعالى الله الذي خلق سبع سموات ومن الأرض مثلهن محمول على المماثلة في السبعة الموجودة في الأقاليم لا على التعدد الحقيقي ولا يخفى أن هذا من التكلف الذي لم يدع اليه سوى اتهام قدرة الله تعالى وعجزه سبحانه عن أن يخلق سبع أرضين طبق ما نطق به ظاهر النص الوارد عن حضرة أفصح من نطق بالضادوأزال بزلال كلامه الكريم أوام كل صاد وحمل المماثلة في الآية ايضا على المماثلة التي زعمها صاحب القيل خلاف الظاهر .
ولعل النوبة تفضي إن شاء الله تعالى إلى تتمة الكلام في هذا المقام وذكر بعض المحققين في وجه تقديم السموات على الأرض تقدم خلقها على خلق الأرض ولا يخفى أنه قول لبعضهم .
وعن الشيخ الأكبر قدس الله سره أن خلق المحدد سابق على خلق الأرض وخلق باقي الأفلاك بعد خلق الأرض وقد تقدم بعض الكلام في هذا المقام وتخصيص خلقها بالذكر لاشتمالها على جملة الآثار العلوية والسفلية وعامة الآلاء الجلية والخفية التي أجلها نعمة الوجود الكافية في إيجاب حمده تعالى على كل موجود فكيف بما يتفرع عليها من صنوف النعم الآفاقية وألانفسية المنوط بها مصالح العباد في المعاش والمعاد .
والمراد بالخلق الإنشاء والايجاد أي أوجد السموات والأرض وأنشأهما على ما هما عليه مما فيه ءايات للمتفكرين وجعل الظلمات والنور عطف على خلق السموات داخل معه في حكم الاشعار بعلة الحمد وإن كان مترتبا عليه لأن جعلهما مسبوق بخلق منشئهما ومحلهما كما قيل والجعل كما قال شيخ الاسلام م الانشاء والابداع كالخلق خلا أن ذلك مختص بالانشاء التكويني وفيه معنى التقدير والتسوية وهذا عام له كما في اةية وللتشريعي أيضا كما في قوله سبحانه : ما جعل الله من بحيرة وأيا ما كان ففيه أنباء عن ملابسة مفعوله بشيء آخر بأن يكون