الذي قرره لا المعنى الذي رمز إليه فعلى هذا يكون مفهوم جملة الحمد لله فيما نحن فيه أنه تعالى حقيق بالحمدولا دلالة فيها من حيث هي هي مع قطع النظر عن المحمود عليه الذي هو علة الحكم على قصر الحقيقة بالحمد عليه سبحانه وتعالى ولا على بلوغها حد الاستيجاب نعم في ترتيب الحكم على ما في حيز الصفة تنبيه على كون الحمد حقا لله تعالى واجبا على عباده مختصا به عز شأنه مقصورا عليه سبحانه حيث أن ترتيب الحكم كما قالوا على الوصف يشعر بمنطوقه بعلية الوصف للحكم وبمفهومه بانتفاء الحكم عمن ينتفي عنه الوصف ثم قال : وبالجملة إن جملة الحمد لله مدعي ومدلول .
وقوله سبحانه وتعالى : الذي خلق الخ دليل وعلة وليس هناك إلا حمد واحد معلل لما في حيز الوصف لا حمد معلل بالذات المستجمع لجميع الصفات أو بالذات البحت اولا على ما قيل وبالوصف ثانيا حتى يكون بمثابة حمدين باعتبار العلتين لأن لفظ الجلالة علم شخصي ولا دلالة له على الأوصاف بأحدى الدلالات الثلاث فكيف يكون محمودا عليه وعلة لاستحقاق الحمد ولذلك لا يكاد يقع الحكم باستحقاق الحمد إلا معلالا بالأمور الواضحة الدالة على صفاته سبحانه وتعالى الجليلة وأفعاله الجميلة ولا يكتفى بأسم الذات اللهم الا في تسبيحات المؤمنين وتحميداتهم لا في محاجة المنكرين التي نحن بصدد بيانها وأيضا اقتضاء الذات البحت من حيث هو الذات ماذا يفيد في الاحتجاج على القوم الذين عامتهم لا يبصرون ولا يسمعون إن هم إلا كالأنعام بل هم أضل وأما ما يقال : إنما قيل الحمد لله بذكر اسم الذات المستجمع لجميع الصفات ولم يقل للعالم او للقادر الى غير ذلك من الأسماء الدالة على الجلالة أو الاكرام لئلا يتوهم اختصاص الحمد بوصف دون وصف فكلام مبني على ما ظهر لك فساده من كون الذات محمودا عليه .
وقد يقال : إن ذكر أسم الذات ليس إلا لأن المشركين المحجوجين الجهال لا يعرفونه تعالى ولا يذكرونه فيما بينهم ولا عند المحاجة الا بأسمه سبحانه العليم لا بالصفات كما يدل على ذلك أنه تحكى أجوبتهم بذكر ذلك الأسم الشريف في عامة السؤالات إلا ما قل حيث كان جوابهم فيه بغير اسم الذات كقوله تعالى : لقولن خلقهن العزيز العليم على أن البعض جعل هذا لازم مقولهم وما يدل عليه إجمالا أقيم مقامه فكأنهم قالوا : الله كما حكى عنهم في مواضع وحينئذ فكأنه قيل : الاله الذي يعرفونه ويذكرونه بهذا الاسم هو المستحق للحمد لكونه خالق السموات والارض ولكونه كذا وكذا وإذا عرفت أن الذات لا يلائم أن يكون محمودا عليه وإنما الحقيق لأن يكون محمودا عليه هو الصفات وأن ما يترتب عليه الحمد في كل موضع بعض الصفات بحسب اقتضاء المقام لا جميع الصفات عرفت أن من ادعى أن ترتيب الحمد على بعض الصفات دون بعض يوهم اختصاص استحقاق الحمد بوصف دون وصف يلزم عليه أن يقع في الورطة التي فر منها كما لا يخفى .
فالحق أن المحمود عليه هو الوصف الذي رتب عليه استحقاق الحمد وأن تخصيص بعض الاوصاف لأن يترتب عليه استحقاق الحمد في بعض المواقع إنما هو باقتضاء ذلك المقام إياه فان قلت فما الرأي في الحمد باعتبار الذات البحت او باعتبار استجماعه جميع الصفات على ما قيل : هل له وجه أم لا قلت : اما كون الذات الصرف محمودا عليه وكذا كون الذات محمودا عليه باستجماعه جميع الصفات في أمثال هذه المواضع التي نحن فيها فلا وجه له