عن نور الحق والأبرص أي الذي أفسد قلبه حب الدنيا وغلبة الهوى باذني وإذ تخرج الموتى بداء الجهل من قبور الطبيعة باذني وإذ كففت بني إسرائيل وهي القوى النفسانية أو المحجوبين عن نور تجليات الصفات عنك فلم ينقصك كيدهم شيئا إذ جئتهم بالبينات وهي الحجج الواضحة أو القوى الروحانية الغالبة وإذ اوحيت بطريق الالهام الى الحواريين وهم الذين طهروا أنفسهم بماء العلم النافع ونقوا ثياب قلوبهم عن لوث الطبائع أن آنوا بي إيمانا حقيقيا بتوحيد الصفات وبرسولي برعاية حقوق تجلياتها على التفصيل .
وذكر بعض السادة أن الوحي يكون خاصا ويكون عاما فالخاص ما كان بغير واسطة والعام ما كان بالواسطة من نحو الملك والروح والقلب والعقل والسر وحركة الفطرة وللأولياء نصيب من هذا النوع والوحي الخاص مراتب وحي الفعل ووحي الذات فوحي الذات يكون في مقام التوحيد عند رؤية العظمة والكبرياء ووحي الفعل يكون مقام العشق والمحبة وهناك منازل الأنس والانبساط إذ قال الحواريون يا عيسى ابن مريم هل يستطيع ربك أي المربي لك والمفيض عليك ما كملك أن ينزل علينا مائدة أي شريعة مشتملة على أنواع العلوم والحكم والمعارف والأحكام من السماء أي من جهة سماء الأرواح قال اتقوا الله أي اجعلوه سبحانه وقاية لكم فيما يصدر عنكم من الأفعال والأخلاق إن كنتم مؤمنين ولا تسألوا شريعة مجددة قالوا نريد أن نأكل منها بان نعمل بها وتطمئن قلوبنا فان العلم غذاء ونعلم أن قد صدقتنا في الاخبار عن ربك وعن نفسك ونكون عليها من الشاهدين فنعلم بها الغائبين وندعوهم اليها قال الله إني منزلها عليكم فمن يكفر بها منكم ويحتجب عن ذلك الدين بعد أي بعد الانزال فاني أعذبه عذابا لا أعذبه أحدا من العالمين وذلك بالحجاب عني لوجود الاستعداد ووضوح الطريق وسطوع الحجة والعذاب مع العلم أشد من العذاب مع الجهل .
وقوله تعالى وإذ قال الله يا عيسى ابن مريم أأنت قلت للناس الخ كلام الشيخ الأكبر قدس سره وكلام الشيخ عبد الكريم الجيلي في شهير منتشر على ألسنة المخلصين والمنكرين فيما بيننا والله تعالى أعلم بمراده نسأل الله تعالى أن ينزل علينا موائد كرمه ولا يقطع عنا عوائد نعمه ويلطف بنا في مبدأ وختام بحرمة نبينا أفضل الصلاة وأكمل السلام .
سورة الانعام .
6 - كما أخرج ابو عبيد والبيهقي وغيرهما عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما وروى ابن مردويه والطبراني عنه أنها نزلت بمكة ليلا جملة واحدة وروى خبر الجملة أبو الشيخ عن أبي بن كعب مرفوعا الى رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم واخرج النحاس في ناسخه عن الحبر أنها مكية إلا ثلاث آيات منها فانها نزلت بالمدينة قل تعالوا أتل إلى تمام الآيات الثلاث وأخرج ابن راهويه في مسنده وغيره عن شهر بن حوشب أنها مكية إلا آيتين قل تعالوا أتل والتي بعدها وأخرج ابو الشيخ أيضا عن الكلبي وسفيان قالا : نزلت سورة الأنعام كلها بمكة إلا آيتين نرلتا بالمدينة في رجل من اليهود وهو الذي قال : ما أنزل الله على بشر من شيء الآية وأخرج ابن المنذر عن أبي جحيفة نزلت سورة الأنعام كلها بمكة إلا ولو أننا نزلنا إليهم الملائكة