الله D بعبارة أخرى وكأن الله تعالى قال له عليه السلام : مرهم بعبادتي أو قال لهم على لسان عيسى عليه السلام : اعبدوا الله رب عيسى وربكم فلما حكاه عيسى عليه السلام قال : اعبدوا الله ربي وربكم فكنى عن أسمه الظأهر بضميره كما قال الله تعالى حكاية عن موسى عليه السلام : قال علمها عند ربي في كتاب لايضل ربي ولا ينسى الذي جعل لكم الأرض مهدا وسلك لكم فيها سبلا وأنزل من السماء ماء فأخرجنا به أزواجا من نبات شتى فان موسى عليه السلام لا يقول أخرجنا بل فأخرج الله تعالى لكن لما حكاه الله تعالى عنه عليه السلام رد الكلام إليه عز شأنه وأضاف الاخراج إلى ذاته D على طريقة المتكلم لا الحاكي وإن كان أول الكلام حكاية ومثله قوله تعالى : ليقولن خلقهن العزيز العليم إلى قوله سبحانه : فأنشرنا به بلدة ميتا إلى غير ذلك .
وقال ابو حيان يجوز أن يكون المفسر اعبدوا الله ويكون ربي وربكم من كلام عيسى عليه السلام على إضمار أعني لا على الصفة لله عز اسمه واعتمده ابن الصائغ وجعله نظير قوله تعالى : إنا قتلنا المسيح عيسى ابن مريم رسول الله على رأي وفي أمالي ابن الحاجب إذا حكى حاك كلاما فله أن يصف المخبر عنه بما ليس فيما ليس في كلام المحكي عنه واستبعد ذلك الحلبي والسفاقسي وهو الذي يقتضيه الانصاف .
وقيل على الأول : إن بعضهم اجاز وقوع أن المفسرة بعد لفظ القول ولم يقتصر بها على ما في معناه فيقع حينئذ مفسرا له لكن أنت تعلم أنه لاينبغي الاختلاف في أنه لايقترن المقول المحكي بحرف التفسير لأن مقول القول في محل نصب على المفعولية والجملة المفسرة لا محل لها فلعل مراد البعض مجرد الوقوع والتزام أن المقول محذوف وهو المحكي وهذا تفسير له أي ما قلت لهم مقولا فتدبر فقد أنتشرت كلمات العلماء هنا .
وكنت عليهم شهيدا أي رقيبا أراعي أحوالهم وأحملهم على العمل بموجب أمرك من غير واسطة ومشاهدا لأحوالهم من إيمان وكفر عليهم كما قال ابو البقاء متعلق بشهيدا ولعل التقديم لما مر غير مرة ما دمت فيهم أي مدة دوامي فيما بينهم فلما توفيتني أي قبضتني بالرفع إلى السماء كما يقال توفيت المال إذا قبضته وروي هذا عن الحسن وعليه الجمهور .
وعن الجبائي أن المعنى أمتني وادعى أن رفعه عليه السلام إلى السماء كان بعد موته واليه ذهب النصارى وقد مر الكلام في ذلك كنت أنت الرقيب عليهم أي الحفيظ المراقب فمنعت من أردت عصمته عن المخالفة بالارشاد إلى الدلائل والتنبيه عليها بارسال الرسول وانزال الآيات وخذلت من خذلت من الضالين فقالوا ما قالوا وقيل المراد بالرقيب المطلع المشاهد ومعنى الجملتين إني ما دمت فيهم كنت مشاهدا لأحوالهم فيمكن لي بيانها فلما توفيتني كنت أنت المشاهد لذلك لا غيرك فلا أعلم حالهم ولا يمكنني بيانها ولا يخفى أن الأول أوفق بالمقام وقد نص بعض المحققين أن الرقيب والشهيد هنا بمعنى واحد وهو ما فسر به الشهيد أولا ولكن تفنن في العبارة ليميز بين الشهيدين والرقيبين لأن كونه E رقيبا ليس كالرقيب الذي يمنع ويلزم بل كالشاهد على المشهود عليه ومنعه مجرد القول وأنه تعالى شأنه هو الذي يمنع منع الزام بالأدلة والبينات و أنت ضمير فصل او تأكيد الرقيب خبر كان وقريء الرقيب بالرفع على أنه خبر أنت والجملة خبر كان و عليهم في القراءتين متعلق بالرقيب .
وقوله سبحانه : وأنت على كل شيء شهيد .
711 .
- تذييل مقرر لمضمون ما قبله وفيه على ما قيل إيذان بأنه سبحانه كان