بكسر العين والفرق بينهما إن عدل الشيء كما قال الفراء ما عادله من غير جنسه كالصوم والاطعام وعدله ما عدل به في المقدار كأن المفتوح تسمية بالمصدر والمكسور بمعنى المفعول وقال البصريون : العدل والعدل كلاهما بمعنى المثل سواء كان من الجنس أو من غيره وقال الراغب : العدل والعدل متقاربان لكنه بالفتح فيما يدرك بالبصيرة كالأحكام وبالكسرة فيما يدرك بالحواس كالعديل بالفتح هو التقسيط على سواء وعلى هذا روي بالعدل قامت السموات تنبيها على أنه لو كان ركن من الأركان الأربعة في العالم زائدا على الآخر أو ناقصا عنه على خلاف مقتضى الحكمة لم يكن العالم منتظما .
ليذوق وبال أمره متعلق بالاستقرار الذي تعلق به المقدر وقيل : بجزاء وقيل : بصيام أو بطعام وقيل : بفعل مقدر وهو جوزي أو شرعنا ذلك و نحوه و الوبال في الأصل الثقل ومنه الوابل للمطر الكثير والوبيل للطعام الثقيل الذي لا يسرع هضمه والمرعى الوخيم ولخشبة القصار وضمير أمره إما لله تعالى أو لمن قتل الصيد أي ليذوق ثقل فعله وسوء عاقبة هتك حرمة ما هو فيه أو الثقل الشديد على مخالفة أمر الله تعالى القوي وعلى هذا لابد من تقدير مضاف كما أشرنا إليه لأن أمر الله تعالى لا وبال فيه وإنما الوبال في مخالفته .
عفا الله عما سلف لكم من الصيد وأنتم محرمون فلم يجعل فيه إثما ولم يوجب جزاء أو لم يؤاخذكم على ما كان منكم في الجاهلية من ذلك مع أنه ذنب عظيم أيضا حيث كنتم على شريعة اسماعيل عليه السلام والصيد محرم فيها وقد مر رواية التحريم جاهلية والمؤاخذة على قتل الصيد بالضرب الوجيع ومن عاد إلى مثل ذلك فقتل الصيد متعمدا وهو محرم فينتقم الله منه أي فهو ينتقم الله تعالى منه لأن الجزاء اذا وقع مضارعا مثبتا لم تدخله الفاء لشبه المبتدأ بالشرط وهي زائدة والجملة بعدها خبر ولا حاجة حينئذ إلى اضمار المبتدأ والمراد بالانتقام التعذيب في الآخرة وأما الكفارة فعن عطاء وإبراهيم وابن جبير والحسن والجمهور أنها واجبة على العائد فيتكرر الجزاء عندهم بتكرر القتل .
وروي عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما وشريح أنه إن عاد لم يحكم عليه بكفارة حتى أنهم كانوا يسألون المستفتي هل أصيب شيئا قبله فان قال : نعم لم يحكم عليه وإن قال لا حكم عليه تعلقا بظأهر الآية .
وأنت تعلم أن وعيد العائد لا ينافي وجوب الجزاء عليه وإنما لم يصرح به لعلمه فيما مضى وقيل : معنى الآية ومن عاد بعد التحريم إلى ما كان قبله وليس بالبعيد وأما حمل الانتقام على الانتقام في الدنيا بالكفارة وإن كان محتملا لكنة خلاف الظاهر وكذأ كون المراد ينتقم منه إذا لم يكفر وقد اختلفوا فيما إذا اضطر محرم إلى أكل الميتة أو الصيد فقال : زفر يأكل الميتة لا الصيد لتعدد جهات حرمته عليه وقال ابو حنيفة وأبو يوسف : يتناول الصيد ويؤدي الجزاء لأن حرمة الميتة أغلظ ألا ترى أن حرمة الصيد ترتفع بالخروج من الاحرام فهي مؤقتة بخلاف حرمة الميتة فعليه أن يقصد أخف الحرمتين دون أغلظهما والصيد وإن كان محظور الاحرام لكن عند الضرورة يرتفع الحظر فيقتله ويأكل منه ويؤدي الجزاء كما في المبسوط .
وفي الخانية المحرم إذا اضطر إلى ميتة وصيد فالميتة أولى في قول ابي حنيفة ومحمد .
وقال ابو يوسف والحسن : يذبح الصيد ولو كان الصيد مذبوحا فالصيد أولى عند الكل ولو وجد لحم