أى المشركين وقد ورد بهذا المعنى فى مواضع من القرآن وخصوا به لتضاعف كفرهم وهو عطف على الموصول الأول وعليه لاتصريح باستهزائهم هنا وان أثبت لهم فى آية إنا كفيناك المستهزئين إذ المراد بهم مشركو العرب ولايكون النهى حينئذ بالنظر اليهم معللا بالاستهزاء بل نهوا عن موالاتهم ابتداءا وقرأ الكسائى وأهل البصرة والكفار بالجر عطفا على الموصول الأخير ويعضد ذلك قراءة أبى ومن الكفار وقراءة عبد الله ومن الذين أشركوا فهم أيضا من جملة المستهزئين صريحا وقوله تعالى : أولياء مفعول ثان للاتتخذوا والمراد جانبوهم كل المجانبة وأتقوا الله فى ذلك بترك موالاتهم أو بترك المناهى على الإطلاق فيدخل فيه ترك موالاتهم دخولا أوليا إن كنتم مؤمنين .
57 .
- حقا فان قضية الإيمان توجب الاتقاء لامحالة واذا ناديتم أى دعا بعضكم بعضا إلى الصلاة اتخذوها أى الصلاة أو المناداة اليها هزوا ولعبا أخرج البيهقى فى الدلائل من طريق الكلبى عن أبى صالح عن ابن عباس رضى الله تعالى عنهما قال : كان منادى رسول الله صلى الله عليه و سلم إذا نادى بالصلاة فقام المسلمون إليها قالت اليهود : قد قاموا لاقاموا فاذا رأوهم ركعا وسجدا استزأوا بهم وضحكوا منهم واخرج ابن جرير وغيره عن السدى قال : كان رجل من النصارى بالمدينة إذا سمع المنادى ينادى أشهد أن محمدا رسول الله قال : حرق الكاذب فدخلت خادمه ذات ليلة بنار وهو نائم وأهله نيام فسقطت شرارة فأحرقت البيت وأحرق هو وأهله والكلام مسوق لبيان استهزائهم بحكم خاص من أحكام الدين بعد بيان استهزائهم بالدين على الاطلاق اظهارا لكمال شقاوتهم ذلك أى الاتخاذ المذكور بأنهم أى بسبب أنهم قوم لايعقلون .
58 .
- فان السفه يؤدى إلى الجهل بمحاسن الحق والهزء به ولو كان لهم عقل فى الجملة لما اجترأوا على تلك العظيمة قيل : وفى الآية دليل على ثبوت الأذان بنص الكتاب لا بالمنام وحده واعترض بأن قوله سبحانه : وإذا ناديتم لايدل على الأذان اللهم إلا أن يقال : حيث ورد بعد ثبوته كان إشارة اليه فيكون تقريرا له قال فى الكشف : أقول فيه : إن اتخاذ المناداة هزؤا منكر من المناكير أنها من من معروفات الشرع فمن هذه الحيثية دل على أن المناداة التى كانوا عليها حق مشروع منه تعالى وهو المراد بثوبته بالنص بعد أن ثبت ابتداءا بالسنة ومنام عبد الله بن زيد الأنصارى الحديث بطوله ولاينافيه أن ذلك كان أول ماقدموا المدينة والمائدة من آخر القرآن نزولا وقوله : لا بالمنام وحده ليس فيه مايدل على أن السنة غير مستقلة فى الدلالة لأن الأدلة الشرعية معرفات وأمارات لامؤثرات وموجبات وترادف المعرفات لاينكر انتهى ولأبى حيان فى هذا المقام كلام لاينبغى أن يلتفت اليه لما فيه من المكابرة الظاهرة وسمى الأذان مناداة لقول المؤذن فيه : حى على الصلاة حى على الفلاح قل ياأهل الكتاب أمر لرسول الله صلى الله عليه و سلم بطريق تلوين الخطاب بعد نهى المؤمنين عن قول المستهزئين بأن يخاطبهم ويبين إن الدين منزه عما يصحح صدور ماصدر منهم من الاستهزاء ويظهر لهم وسبب ماارتكبوه ويلقمهم الحجر ووصفوا بأهابة الكتاب تمهيدا لما سيذكر سبحانه من تبكيتهم وإلزامهم بكفرهم بكتابهم أى قل يا محمد لأولئك الفجرة هل تنقمون منا أى هل تنكرون وتعيبون منا وهو من نقم منه كذا إذا أنكره وكرهه من حد ضرب وقرأ الحسن تنقمون