تلك الصفات لايفيد إلا إذا كان حقيقيا بل لايصح لعدم استجماعها فيمن تاخر عنه كرم الله تعالى وجهه وإن أجابوا عن النقض بان المراد حصر الولاية فى الأمير كرم الله تعالى وجهه فى بعض الأوقات أعنى وقت إمامته لاوقت إمامة السبطين ومن بعدهم رضى الله تعالى عنهم قلنا فمرحبا بالوفاق إذ مذهبنا أيضا أن الولاية العامة كانت له وقت كونه إماما لاقبله وهو زمان خلافة الثلاثة ولابعده وهو زمان خلافة من ذكر .
فان قالوا إن الأمير كرم الله تعالى وجهه لو لم يكن صاحب ولاية عامة فى عهد الخلفاء يلزمه نقص بخلاف وقت خلافة أشباله الكرام رضى الله تعالى عنهم فانه لما لم يكن حيا لم تصر إمامة غيره موجبة لنقص شرفه الكامل لأن الموت رافع لجميع الأحكام الدنيوية يقال هذا فرار وانتقال إلى استدلال آخر ليس مفهوما من الآية إذ مبناه على مقدمتين : الأولى أن كون صاحب الولاية العامة فى ولاية الآخر ولو فى وقت من الأوقات غير مستقل بالولاية نقص له والثانية أن صاحب الولاية العامة لايلحقه نقص ما بأى وجه وأى وقت كان وكلتاهما لايفهمان من الآية أصلا كمالايخفى على ذى فهم على أن هذا الاستدلال منقوض بالسبطين زمن ولاية الأمير كرم الله تعالى وجهه بل وبالأمير أيضا فى عهد النبى صلى الله عليه و سلم والثانى أنا لانسلم الإجماع على نزولها فى الامير كرم الله تعالى وجهه فقد اختلف علماء التفسير فى ذلك فروى أبو بكر النقاش صاحب التفسير المشهور عن محمد الباقر رضى الله تعالى عنه أنها نزلت فى المهاجرين والانصار وقال قائل : نحن سمعنا أنها نزلت فى على كرم الله تعالى وجهه فقال : هو منهم يعنى أنه كرم الله تعالى وجهه داخل أيضا فى المهاجرين والأنصار ومن جملتهم .
وأخرج أبو نعيم فى الحلية عن الملك بن أبى سليمان وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبى حاتم عن الباقر رضى الله تعالى عنه أيضا نحو ذلك وهذه الرواية أوفق بصيغ الجمع فى الآية وروى جمع من المفسرين عن عكرمة أنها نزلت فى شأن أبى بكر رضى الله تعالى عنه والثالث أنا لانسلم أن المراد بالولى المتولى للأمور والمستحق للتصرف فيها تصرفا عاما بل المراد به الناصر لأن الكلام فى تقوية قلوب المؤمنين وتسليها وإزالة الخوف عنها من المرتدين وهو أقوى قرينة على ماذكره ولايأباه الضم كما لايخفى على من فتح الله تعالى عين بصيرته ومن أنصف نفسه علم أن قوله تعالى فيما بعد : ياأيها الذين آمنوا لاتتخذوا الذين اتخذوا دينكم هزوا ولعبا من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم والكفار أولياء آب عن حمل الولى على مايساوى الإمام الأعظم لأن أحدا لم يتخذ اليهود والنصارى والكفار أئمة لنفسه وهم أيضا لم يتخذ بعضهم بعضا إماما وإنما اتخذوا أنصارا وأحبابا وكلمة إنما المفيدة للحصر تقتضى ذلك المعنى أيضا لأن الحصر يكون فيما يحتمل اعتقاد الشركة والتردد والنزاع ولم يكن بالاجماع وقت نزول هذه الآية تردد ونزاع فى الإمامية وولاية التصرف بل كان فىالنصرة والمحبة والرابع أنه لو سلم أن المراد ماذكروه فلفظ الجمع عام أو مساو كما ذكره المرتضى فى الذريعة واين المطهر فى النهاية والعبرة لعموم اللفظ لالخصوص السبب كما اتفق عليه الفريقان فمفاد الآية حينئذ حصر الولاية العامة لرجال متعددين يدخل فيهم الأمير كرم الله تعالى وجهه وحمل العام على الخاص خلاف الأصل لايصح ارتكابه بغير ضرورة ولاضرورة .
فإن قالوا الضرورة متحققة ههنا إذ التصدق على السائل فى حال الركوع لم يقع من أحد غير الأمير كرم الله تعالى وجهه قلنا ليست الآية نصا فى كون التصدق واقعا حال ركوع الصلاة لجواز أن يكون