والمراد بالجاهلية الملة الجاهلية التى هى متابعة الهوى الموجبة للميل والمداهنة فى الأحكام أو الأمة الجاهلية وحكمهم : ماكانوا عليه من التفاضل فيما بين القتلى وقيل : الكلام على حذف مضاف أى أهل الجاهلية وحكمهم : ماذكر فقد روى أن بنى النضير لما تحاكموا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلّم فى خصومة قتيل وقعت بينهم وبين بنى قريظة طلب بعضهم من رسول الله A أن يحكم بينهم بما كان عليه أهل الجاهلية من التفاضل فقال E : القتلى بواو فقال بنو النضير : نحن لانرضى بذلك فنزلت وقرأ بن عامر تبغون بالتاء وهى إما على الالتفات لتشديد التوبيخ وإما بتقدير القول أى قل لهم أفحكم الخ وقرأ بن وثاب والأعرج وأبو عبد الرحمن وغيرهم أفحكم بالرفع على أنه مبتدأ و يبغون خبره والعائد محذوف وقيل الخبر محذوف والمذكور صفته أى حكم يبغون واستضعف حذف العائد من الخبر وذكر ابن جنى أنه جاء الحذف منه كما جاء الحذف من الصلة والصفة كقوله : قد أصبحت أم الخيار تدعى على ذنبا كله لم أصنع وقال أبو حيان وحسن الحذف فى الآية شبه يبغون برأس الفاصلة فصار كالمشاركة وزعم أن القراءة المذكورة خطأ خطأ كما لايخفى وقرأ قتادة أفحكم بفتح الفاء والحاء والكاف أى أفحاكما كحكام الجاهلية يبغون وكانت الجاهلية تسمى من قبل كما أخرج ابن أبى حاتم عن عروة عالمية حتى جاءت امرأة فقالت يارسول الله كان فى الجاهلية كذا وكذا فانزل الله تعالى ذكر الجاهلية وحكم عليهم بهذا العنوان ومن أحسن من الله حكما إنكار لأن يكون أحد حكمه أحسن من حكم الله تعالى أو مساو له كمايدل عليه الاستعمال وإن كان ظاهر السبك غير متعرض لنفى المساواة وإنكارها لقوم يوقنون .
50 .
- أى عند قوم فاللام بمعنى عند واليه ذهب الجبائى وضعفه فى الدر المصون وصحح أنها للبيان متعلقه بمحذوف كما فى هيت لك وسقيا لك أى تبين وظهر مضمون هذا الاستفهام الإنكارى لقوم يتدبرون الأمور ويتحققون الأشياء بأنظارهم وأما غيرهم فلا يعلمون أنه لاأحسن حكما من الله تعالى ولعل من فسر بعند أراد بيان محصل المعنى وقيل : إن اللام على أصلها وأنها صلة أى حكم الله تعالى للمؤمنين على الكافرين أحسن الأحكام وأعد لها وهذه الجملة حالية مقررة لمعنى الانطكار السابق .
ياأيها الذين آمنوا خطاب يعم حكمه كافة المؤمنين من المخلصين وغيرهم وإن كان سبب وروده بعضا كما ستعرفه إن شاء الله تعالى ووصفهم بعنوان الإيمان لحملهم من أول الأمر على الانزجار عما نهوا عنه بقوله سبحانه وتعالى : لاتتخذوا اليهود والنصارى أولياء فان تذكير اتصافهم بضد صفات الفريقين من أقوى الزواجر عن موالاتهما أى لايتخذ أحد منكم وليا بمعنى لاتصافوهم مصافاة الأحباب ولاتستنصروهم .
أخرج ابن جرير وابن أبى حاتم عن السدى قال : لما كانت وقعة أحد اشتد على طائفة من الناس وتخوفوا أن تدال عليهم الكفار فقال رجل لصاحبه : أما أنا فألحق بذلك اليهودى فآ خذ منه أمانا وأتهود معه فانى أحاف أن تدال علينا اليهود وقال الآخر : أما أنا فألحق بفلان النصرانى ببعض أرض الشام فآ خذ منه أمانا وأتنصر معه فأنزل الله تعالى فيهما ينهاهما ياأيها الذين آمنوا الخ