إلى العالم السفلى ومحبة الدنيا بنور الهدى فان الروح لايتكدر بالتعلق بل يحتجب نوره عن القلب فيسود القلب ويظلم ويكفى فى انتشار نوره صقل الوجه العالى الذى يتوجه اليه فان القلب ذو وجهين : أحدهما إلى الروح والرأس هنا إشارة اليه والثانى إلى النفس وقواها وأحرى بالرجل أن تكون إشارة اليه .
وقال الشيخ الأكبر قدس سره بعد أن بين اختلاف العلماء فى القدر الذى يجب مسحه : وأما حكم مسح الرأس فى الباطن فأصله من الرياسة وهى العلو والارتفاع ولما كان أعلا مافى البدن فى ظاهر العين وجميع البدن تحته سمى رأسا فان الرئيس فوق المرءوس وله جهة فوق وقد وصف الله تعالى نفسه بالفوقية على عباده بصفة القهر فقال سبحانه : وهو القاهر فوق عباده فكان الرأس أقرب عضو فى الجسد إلى الحق تعالى لمناسبة الفوقية ثم له الشرف الآخر فى المعنى الذى به رأس على البدن كله وهو أنه محل جميع القوى كلها الحسية والمعنوية فلما كانت له هذه الرياسة من هذه الجهة سمى رأسا ثم إن العقل الذى جعله الله تعالى أشرف مافى الانسان جعل محله اليافوخ وهو أعلى موضع فى الرأس فجعله سبحانه ممايلى جانب الفوقية ولما كان محلا لجميع القوى الظاهرة والباطنة ولكل قوة حكم وسلطان وفخر يورثها ذلك عزة على غيرها وكان محل هذه القوى من الرأس مختلفة فعمت الرأس كله وجب مسح كله فى هذه العبارة لهذه الرياسة السارية فيه كله من جهة هذه القوى بالتواضع والاقناع فيكون لكل قوة مسح مخصوص من مناسبة دعواها وهذا ملحظ من يرى وجوب مسح جميع الرأس ومن رأى تفاوت القوى بالرياسة فان القوة المصورة مثلا لها سلطان على للقوة الخيالية فهى الرئيسة عليها وإن كانت للقوة الخيالية رياسة قال : الواجب عليه مسح بعض الرأس وهو المقسم بالاعلى ثم اختلفوا فى هذا البعض فكل عارف قال بحسب ماأعطاه الله تعالى من الادراك فى مراتب هذه القوى فيمسح بحسب مايرى ومعنى المسح هو التذلل وإزالة الكبرياء والشموخ بالتواضع والعبودية لأن المتوضىء بصدد مناجاة ربه وطلب صلته والعزيز الرئيس إذا دخل على من ولاه تلك العزة ينعزل عن عزته ورياسته بعز من دخل عليه فيقف بين يديه وقوف العبيد فى محل الإذلال لا بصفة الاذلال فمن غلب على خاطره رياسة بعض القوى على غيرها وجب عليه مسح ذلك البعض من أجل الوصلة التى تطلب بهذه العبادة ولهذا لم يشرع مسح الرأس فى التميم لأن وضع التراب على الرأس من علامات الفراق فترى الفاقد حبيبه بالموت يضع التراب على رأسه وتفصيل رياسات القوى معلوم عن أهل هذا الشأن وأما التبعيض فى اليد الممسوح بها واختلافهم فى ذلك فاعمل فيه كما تعمل فى المسموح سواء فان المزيل لهذه الرياسة أسباب مختلفة فى القدرة على ذلك ومحمل ذلك اليد فمن مزيل بصفة القهر ومن مزيل بسياسة وترغيب إلى آخر ماقال : وأرجلكم أشير بها إلى القوى الطبيعية البدنية المنهمكة فى الشهوات والإفراط باللذلت وغسلها بماء علم الاخلاق وعلم الرياضيات حتى ترجع إلى الصفاء الذي يستعد به القلب للحضور والمناجاة .
وفى الفتوحات اختلفوا فى صفة طهارتها بعد الاتفاق على أنها من أعضاء الوضوء هل ذلك بالغسل أو بالمسح أو بالتخيير بينهما ومذهبنا التخيير والجمع أولى وما من قول إلا وبه قائل والمسح بظاهر الكتاب والغسل بالسنة ومحتمل الآية بالعدول عن الظاهر منها وأما حكم ذلك فى الباطن فاعلم أن السعى إلى الجماعات وكثرة الخطا إلىالمساجد والثبات يوم الزحف مما تطهر به الأقدام فلتكن طهارة