والعدول عن الظاهر إلى خلافه بل دليل لايجوز وأن استدلوا بقراءة الجر قلنا : إنها لاتصلح دليلا لما علمت والثانى انه عطف وأرجلكم على محل برءوسكم جاز أن نفهم منه معنى الغسل إذ أن من القواعد المقررة فى العلوم العربية أنه إذا اجتمع فعلان متغايران فى المعنى ويكون لكل منهما متعلق جاز حذف أحدهما وعطف على متعلق المذكور كأنه متعلقه ومن ذلك قوله : ياليت بعلك قد غدا متقلدا سيفا ورمحا فأن المراد وحاملا رمحا ومنه قوله : إذا ما الغانيات برزن يوما وزجج الحواجب والعيونا فانه أراد وكحلن العيونا وقوله : تراه كان مولاه يجدع أنفه وعينيه إن مولاه كان كان له وفر أى يفقىء عينيه إلى ملايحصى كثرة والثالث أن جعل الواو بمعنى مع بدون قرينة مما لايكاد يجوز ولا قرينة ههنا على أنه يلزم كما قيل : فعل المسحين معا بالزمان ولاقائل به بالاتفاق بقى لو قال قائل : لاأقنع بهذا المقدار فى الاستدلال على غسل الأرجل بهذه الآية مالم ينضم إليها من خارج مايقوى تطبيق أهل السنة فان كلامهم وكلام الامامية فى ذلك عسى أن يكون فرسا رهان قيل له : إن سنة خير الورى صلى الله عليه وسلّم وآثار الأئمة رضى الله تعالى عنهم شاهدة على مايدعيه أهل السنة وهى من طريقهم أكثر من أن تحصى واما من طريق القوم فقد روى العياشى عن على أبى حمزة قال : سألت أبا هريرة عن القدمين فقال تغسلان غسلا .
وروى محمد بن النعمان عن أبى بصير عن أبى عبد الله رضى الله تعالى عنه قال : إذا نسي مسح رأسك حتى غسلت رجليك فمسح رأسك ثم أغسل رجليك وهذا الحديث رواه أيضا الكلبى وأبو جعفر الطوسى بأسانيد صحيحة بحيث لايمكن تضعيفها ولا الحمل على التقية لأن المخاطب بذلك شيعى خاص وروى محمد ابن الحسن الصفار عن زيد بن على عن أبيه عن جده أمير المؤمنين كرم الله تعالى وجهه أنه قال : جلست أتوضأ فأقبل رسول الله A فلما غسلت قدمى قال : ياعلى خلل بين الأصابع .
ونقل الشريف الرضى عن أمير المؤمنين كرم الله تعالى وجهه فى نهج البلاغة حكاية وضوئه A وذكر فيه غسل الرجلين وهذا يدل على أن مفهوم الآية كما قال أهل السنة ولم يدع أحد منهم النسخ ليتكلف لاثباته كم ظنه من لاوقوف له ومايزعمه الإمامية من نسبة المسح إلى ابن عباس رضى الله تعالى عنهما وأنس بن مالك وغيرهما كذب مفترى عليهم فان أحدا منهم ماروى عنه بطريق صحيح أنه جوز المسح إلا أن ابن عباس رضى الله تعالى عنهما فانه قال بطريق التعجب : لانجد فى كتاب الله تعالى إلا المسح ولكنهم أبوا إلا الغسل ومراده أن ظاهر الكتاب يوجب المسح على قراءة الجر التى كانت قراءته ولكن الرسول A وأصحابه لم يفعلوا إلا الغسل ففى كلامه هذا إشارة إلى قراءة الجر مؤلة متروكة الظاهر بعمل الرسول A والصحابة رضى الله تعالى عنهم ونسبة جواز المسح إلى أبى العالية وعكرمة والشعبى زور بهتان أيضا وكذلك نسبة الجمع بين الغسل والمسح أو التخير بينهما إلى الحسن البصرى عليه الرحمة ومثله نسبة التخير إلى محمد بن جرير الطبرى صاحب التاريخ الكبير