ألف حربى على مأشار اليه حجة الاسلام الغزالى قدس سره والذين آمنوا بالله ورسله ولم يرفقوا بين أحد منهم وهم المؤمنون جمعا وتفصيلا لايحجبهم جمع عن تفصيل ولاتفصيل عن جمع كالسادة الصادقين من أهل الوحدة أولئك سوف نؤتيهم أجورهم من الجنات الثلاث وكان الله غفورا يستر ذواتهم وصفاتهم رحيما يرحمهم بالوجود الموهوب الحقانى والبقاء السرمدى يسألك أهل الكتاب أن تنزل عليهم كتابا من السماء أى علما يقينا بالمكاشفة من سماء الروح فقد سألوا موسى أكبر من ذلك فقالوا أرنا الله جهرة أى طلبوا المشاهدة ولاشك أنها أكبر وأعلى وأعلى من المكاشفة فأخذتهم الصاعقة أى استولت عليهم نار الانانية وأهلكت استعدادهم بظلمهم وهو طلبهم المشاهدة مع بقاء ذواتهم ثم اتخذوا العجل أى عجل الشهوات الذي صاغه سامرى النفس الأمارة من بعد ما جاءتهم البينات الرادعة لهم عن ذلك وآتينا موسى سلطانا مبينا وهو سطوع نور التجلى من وجهه حتى احتاج إلى أن يستر وجهه بالبرقع رحمة بخفافيش أمته ورفعنا فوقهم الطور أى جعلناه مستوليا عليهم بميثاقهم أى بسبب أن يعطوا الميثاق وأشير بالطور إلى موسى عليه السلام أولى الى العقل ورفعه فوقهم تأييده بالانوار الالهية وقلنا لهم ادخلوا الباب أى باب السير والسلوك الموصل إلى حضيرة القدس ملك الملكوت سجدا خضعا متذليين وقوله تعالى : بل رفعه الله اليه أشير به على ماذكره بعض القوم والعهدة عليه إلى اتصال روحه عليه السلام بالعالم العلوى عند مفارقته للعالم السفلى وذلك الرفع عندهم إلى السماء الرابعة لان مصدر فيضان روحه عليه السلام روحانية فلك الشمس الذى هو بمثابة قلب العالم ولما لم يصل إلى الكمال الحقيقى الذى هو درجة المحبة لم يكن له بد من النزول مرة أخرى فى صورة جسدانية يتبع الملة المحمدية لنيل تلك الدرجة العلية وحينئذ يعرفه كل أحد فيؤمن به أهل الكتاب أى أهل العلم العارفين بالمبدأ والمعاد كلهم عن آخرهم قبل موته عليه السلام بالفناء بالله تعالى D فاذا آمنوا به يكون يوم القيامة أى يوم بروزهم عن الحجب الجسمانية وانتباهم عن نوم الغفلة شهيدا وذلك بأن يتجلى الحق عليهم فى صورته فبظلم من الذين هادوا وهو عبادتهم عجل الشهوات واتخاذه إلها وامتناعهم عن دخول باب حضيرة القدس واعتدائهم فى السبت بمخالفة الشرع الذى هو المظهر الاعظم والاحتجاب عن كشف توحيد الأفعال ونقضهم ميثاق الله تعالى واحتجابهم عن توحيد الصفات الذى هو كفر بآيات الله تعالى الى غير ذلك من المساوى مساو لو قسمن على الغوانى .
لما أمرهن إلا بالطلاق حرمنا عليهم طيبات عظيمة جليلة وهى مافى الجنات الثلاث أحلت لهم بحسب استعدادهم لولا هذه الموانع وبصدهم عن سبيل الله أى الطريق الموصلة اليه سبحانه كثيرا أى خلقا كثيرا وهى القوى الروحانية وأخهم الربا وهو فضول العلم الرسمى الجدلى الذى هو كشجرة الخلاف لاثمرة له كاللذات البدنية والحظوظ النفسانية وقد نهوا عنه لما أنه الحجاب العظيم وأكلهم أموال الناس بالباطل أى استعمال علوم القوى الروحانية فى تحصيل الخسائس الدنيوية أو أخذ ما فى أيدى العباد برذيلة الحرص والطمع لكن الراسحون فى العلم المستقيمون فى السماع الخاص من الله سبحانه من غير معارضة النفوس واضطراب الأسرار والمؤنون بالايمان العيانى حال كونهم يؤمنون بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك من الاحكام الشرعية والاسرار الالهية