وإن تتولوا يستبدل قوما غيركم ضرب النبى صلى الله عليه و سلم بيده على ظهر سلمان الفارسي رضى الله تعالى عنه : إنهم قوم هذا وفيه نوع تأييد لما ذكر فى هذه الآية ومانقل عن العراقى أن الضرب كان عند نزولها وحينئذ يتعين ماذكر سهو على مانص عليه الجلال السيوطى وجوز الزمخشرى وابن عطية ومقلد وهما أن يكون المراد خلقا آخرين أى جنسا غير جنس الناس وتعقبه أبو حيان بأنه خطأ وكونه من قبيل المجاز كما قيل لايتم المراد لمخالفته لاستعمال العرب غيرا تقع على المغاير فى جنس أو وصف وآخر لايقع إلا على المغايرة بين أبعاض جنس واحد .
وفى درة الغواص فى أوهام الخواص أنهم يقولون : ابتعت عبدا وجارية أخرى فيوهمون فيه العرب لأن العرب لم تصف بلفظى آخر وأخرى وجمعها إلا ما يجانس المذكور قبله كما قال تعالى : أفرأيتم اللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى وقوله سبحانه : فمن شهد منكم الشهر فليصمه ومن كان مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر فوصف جل اسمه مناة بالأخرى لما جانست العزى ووصف الأيام بالأخر لكونها من جنس الشهر والأمة ليست من جنس العبد لكونها مؤنثة وهو مذكر فلم يجز لذلك أن يتصف بلفظ أخرى كما لايقال : جاءت هند ورجل آخر والاصل فى ذلك أن آخر من قبيل أفعل الذي يصحبه من ويجانس المذكور بعده كما يدل على ذلك أنك إذا قلت : قال : الفند الزمانى وقال آخر : كان تقدير الكلام وقال آخر : من الشعراء وإنما حذفت لفظة من لدلالة الكلام عليها وكثرة استعمال آخر فى النطق وفى الدر المصون : إن هذا غير متفق عليه وإنما ذهب اليه كثير من النحاة وأهل اللغة وارتضاه نجم الأئمة الرضى إلا أنه يرد على الزمخشرى ومن معه أن آخرين صفة موصوف محذوف والصفة لاتقوم مقام موصوفها إلا إذا كانت خاصة نحو مررت بكاتب أو إذا دل الدليل على تعيين الموصوف وهنا ليست بخاصة فلابد أن يكون من جنس الأول لتدل على المحذوف : وقال ابن يسعون والصقلى وجماعه : إن العرب لاتقول : مررت برجلين وآخر لأنه إنما يقابل آخر ماكان من جنسه تثنية وجمعا وإفرادا وقال ابن هشام هذا غير صحيح لقول ربيعة بن يكدم : ولقد شفعتهما بآخر ثالث وأبى الفرار إلى الغداة تكرمى وقال أبو حية النميرى : وكنت أمشى على ثنتين معتدلا فصرت أمشى على أخرى من الشجر وإنما يعنون بكونه كمن جنس ماقبله أن يكون اسم الموصوف بآخر فى اللفظ أو التقدير يصح وقوعه على المتقدم الذى قوبل بآ خر على جهة التواطؤ ولذلك لوقلت : جاءنى زيد وآخر كان سائغا لأن التقدير ورجل آخر وكذا جاءنى زيد وأخرى تريد نسمة أخرى وكذا اشتريت فرسا ومركوبا آخر سائغ وإن كان المركوب الآخر جملا لوقوع المركوب عليهما بالتواطؤ فان كان وقوع الاسم عليهما على جهة الاشتراك المحض فان كانت حقيقتهما واحدة لم تجز لأنه لم يقابل به ماهو من جنسه نحو رأيت المشترى والمشترى الآخر تريد بأحدهما الكوكب وبالآخر مقابل البائع وهل يشترط مع التواطؤ اتفاقهما فى التذكير فيه خلاف فذهب المبرد إلى عدم اشتراطه فيجوز جاءتنى جاريتك وإنسان آخر واشترطه ابن جنى والصحيح ماذهب اليه المبرد بدليل قول عنترة : والخيل تقتحم الغبار عوابسا من بين منظمة وآخر ينظم