فى الأرض ولما كان الضرب اضطرابا وكنى به عن السفر ناسب أن يكنى بالاطمئنان عن الاقامة وأصله السكون والاستقرار اذا استقررتم من السير والسفر فى أمصاركم فأقيموا الصلاة أى أدوا الصلاة التى دخل وقتها وأتموها وعدلوا أركانها وراعو شروطها وحافظوا على حدودها وقيل : المعنى فاذا أنتم فأتموا الصلاة أى جنسها معدلة الأركان ولاتصلوها ماشين أو راكبين أو قاعيدن وهو المروى عن ابن زيد وقيل : المعنى فاذا اطمأننتم فى الجملة فاقضوا ماصليتم فى تلك الاحوال التى هى حال القلق والانزعاج ونسب الى الشافعى رضى الله تعالى عنه وليس بالصحيح لما علمت من مذهبه ولاينبئك مثل خبير .
إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا أى مكتوبا مفروضا موقوتا محدود الأوقات لايجوز اخراجها عن أوقاتها فى شىء من الأحوال فلابد من اقامتها سفرا أيضا وقيل : المعنى كانت عليهم أمرا مفروضا مقدرا فى الحضر بأربع ركعات وفى السفر بركعتين فلابد أن تؤدى فى كل وقت حسبما قدر فيه واستدل بالآية من حمل الذكر فيما تقدم على الصلاة وأوجبها فى حال القتال على خلاف ماذهب اليه الامام أبوحنيفة رضى الله تعالى عنه ولاتهنوا فى ابتغاء القوم أى لاتضعفوا ولاتتوانوا فى طلب الكفار بالقتال .
إن تكونوا تألمون فأنهم يألمون كما تألمون وترجون من الله مالايرجون تعليل للنهى وتشجيع لهم أى ليس ماينالكم من الآلام مختصا بكم بل الأمر مشترك بينكم وبينهم ثم إنهم يصبرون على ذلك فما لكم أنتم لاتصبرون من أنكم أولى بالصبر منهم حيث أنكم ترجعون وتطمعون من الله تعالى ما لايخطر لهم ببال من ظهور دينكم الحق على سائر الأديان الباطلة ومن الثواب الجزيل والنعيم المقيم فى الآخرة .
وجوز أن يحمل الرجاء على الخوف فالمعنى ان الألم لاينبغى أن يمنعكم لأن لكم خوفا من الله تعالى ينبغى أن يحترز عنه فوق الاحتراز عن الألم وليس لهم خوف يلجئهم الى الألم وهم يختارونه لاعلاء دينهم الباطل فمالكم والوهن ولايخلوا عن بعد وأبعد منه ماقيل : إن المعنى ان الألم قدر مشترك وأنكم تعبدون الاله العالم القادر السميع البصير الذى يصح أن يرجى منه وأنهم يعبدون الأصنام التى لاخيرهن يرجى ولاشرهن يخشى .
وقرأ عبد الرحممن الأعرج أن تكونوا بفتح الهمزة أى لاتهنوا لأن تكونوا تألمون وقوله تعالى : فانهم تعليل للنهى عن الوهن لأجله وقرىء تئلمون كما يئلمون بكسسر حرف المضارعة والآية قيل : نزلت فى الذهاب الى بدر الضغرى لموعد أبى سفيان يوم أحد وقيل نزلت يوم أحد فى الذهاب خلف أبى سفيان وعسكره الى حمراء الاسد وروى ذلك عن عكرمة وكان الله عليما مبالغا فى العلم فيعلم مصالحكم وأعمالكم ماتظهرون منها وماتسرون حكيما .
104 .
- فيما يأمر وينهى فجدوا فى الامتثال لذلك فان فيه عواقب حميدة وفوزا بالمطلوب إنا أنزلنا اليك الكتاب بالحق أخرج غير واحد عن قتادة بن النعمان رضى الله تعالى عنه أنه قال : كان أهل بيت منا يقال لهم : بنو أبيرق بشر وبشير ومبشر وكان بشر رجلا منافقا يقول الشعر يهجوا به أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم ثم ينحله بعض العرب ويقول : قال فلان كذا وقال فلان كذا فاذا سمع أصحاب النبى صلى الله عليه و سلم ذلك الشعر قالوا : والله مايقول هذا