من علم الباطن آمنوا بما نزلنا على قلوب أوليائي من العلم اللدني مصدقا لما معكم من علم الظاهر إذ كل باطن يخالف 3 الظاهر فهو باطل من قبل أن نطمس وجوها وهي وجوه القلوب بالعمى فنردها على أدبارها ناظرة إلى الدنيا وزخارفها بعد أن كانت في أصل الفطرة متوجهة إلى ما في الميثاق الأول أو نلعنهم كما لعنا أصحاب السبت فنمسخ صورهم المعنوية كما مسخنا صور اليهود الحسية ويحتمل أن يكون هذا خطابا لمن أوتي كتاب الاستعداد أمرهم بالإيمان الحقيقي وهددهم بإزالة استعدادهم وردهم إلى أسفل سافلين وإبعادهم بالمسخ إن الله لا يغفر أن يشرك به إلا بالتوبة عنه لشدة غيرته لا أحد أغير من الله ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء أن يغفر له تاب أو لم يتب وقد ذكروا أن الشرك ثلاث مراتب ولكل مرتبة توبة : فشرك جلي بالأعيان وهو للعوام كعبدة الأصنام والكواكب مثلا وتوبته إظهار العبودية في إثبات الربوبية مصدقا بالسر والعلانية وشرك خفي بالأوصاف وهو للخواص وفسر بشوب العبودية بالالتفات إلى غير الربوبية وتوبته الالتفات عن ذلك الالتفات وشرك أخفى لخواص الخواص وهو الأنانية وتوبته بالوحدة وهي فناء الناسوتية في بقاء اللاهوتية ومن يشرك بالله أي شرك كان من المراتب فقد افترى وارتكب حسب مرتبته إثما عظيما لا يقدر قدره ألم تر إلى الذين يزكون أنفسهم كعلماء السوء من أهل الظاهر الذين لم يحصلوا من علومهم سوى العجب والكبر والحسد والحقد وسائر الصفات الرذيلة بل الله يزكي من يشاء كالعارفين به الذين لا يرون لأنفسهم فعلا ويحتمل أن يكون هذا تعجيبا ممن يزكي نفسه بنفسه ويسلك في مسالك القوم على رأيه غير معتمد على مرب مرشد له من ولي كامل أو أثارة من علم إلهي كبعض المتفلسفين من أهل الرياضات أنظر كيف يفترون على الله الكذب بادعاء تزكية نفوسهم من صفاتها وما تزكت أو بانتحال صفات الله تعالى إلى أنفسهم مع وجودها وكفى به إثما مبينا ظاهرا لا خفاء فيه ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا بعضا من الكتاب الجامع وأشير به إلى علم الظاهر يؤمنون بالجبت أي بجبت النفس والطاغوت أي طاغوت الهوى فيميلون مع أنفسهم وهواهم ويقولون للذين كفروا أي لأجل الذين ستروا الحق هؤلاء أهدى من الذين آمنوا الإيمان الحقيقي سبيلا أولئك الذين لعنهم الله أي أبعدهم عن معرفته وقربه ومن يلعن أي يبعده الله عن ذلك فلن تجد له نصيرا يهديه إلى الحق أم لهم نصيب من الملك فإذا لا يؤتون الناس نقيرا ذم لهم بالبخل الذي هو الوصمة الكبرى عند أهل الله تعالى أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله من المعرفة وإعزازهم بين خلقه وإرشادهم لمن استرشدهم فقد آتينا آل إبراهيم وهم المتبعون له على ملته من أهل المحبة والخلة الكتاب أي علم الظاهر أو الجامع له ولعلم الباطن والحكمة علم الباطن أو باطن الباطن وآتيناهم ملكا عظيما وهو الوصول إلى العين وعدم الوقوف عند الأثر إن الذين كفروا بآياتنا أي حجبوا عن تجليات صفاتنا وأفعالنا أو أنكروا على أوليائنا الذين هم مظاهر الآيات سوف نصليهم نارا عظيمة وهي نار القهر والحجاب أو نار الحسد كلما نضجت جلودهم وتقطهت أما ني نفوسهم الأمارة ومقتضيات هواها بدلناهم جلودا غيرها بتجدد نوع آخر من تجليات القهر أو بتجدد نعم أخرى تظهر على أوليائنا الذين حسدوهم وأنكروا عليهم ليذوقوا العذاب ما داموا منغمسين في أوحال الرذائل إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أي الأعمال التي يصلحون بها لقبول التجليات سندخلهم جنات تجري من تحتها الأنهار من ماء الحكمة ولبن الفطرة وخمر الشهود وعسل الكشف خالدين فيها أبدا لبقاء أرواحهم