كنى بالملامسة عن الجماع لأنه مما يستهجن التصريح به أو يستحى منه وإلى ذلك ذهب علي كرم الله تعالى وجهه وابن عباس رضي الله تعالى عنهما والحسن فيكون إشارة إلى الحدث الأكبر كما أن الأول إشارة إلى الحدث الأصغر .
وعن ابن مسعود والنخعي والشعبي أن المراد بالملامسة ما دون الجماع أي ما سستم بشرتهن ببشرتكم وبه استدل الشافعي رضي الله تعالى عنه على أن اللمس ينقض الوضوء وبه قال الزهري والأوزاعي وقال مالك والليث بن سعد وأحمد في إحدى الروايات عنه : إن كان اللمس بشهوة نقض وإلا فلا وذهب أبو حنيفة رضي الله تعالى عنه إلى أنه لا ينتقض الوضوء بالمس ولو بشهوة قيل : ما لم يحدث الإنتشار واختلف قول الشافعي رضي الله تعالى عنه في لمس المحارم كالأم والبنت والأخت وفي لمس الأجنبية الصغيرة وأصح القولين : إنه لا ينقض كلمس نحو السن والظفر والشعر وينتقض عنده وضوء الملموسة كاللامس في الأظهر لاشتراكهما في مظنة اللذة كالمشتركين في الجماع وإنما لم ينتقض وضوء الملموس فرجه على مذهبه لأنه لم يوجد منه مس لمظنة لذة أصلا بخلافه هنا ودليل القول بعدم نقض وضوء الملموس حديث عائشة رضي الله تعالى عنها أنها وضعت يدها على قدميه صلى الله تعالى عليه وسلم وهو ساجد ووجه استدلاله بما في الآية على ما استدل عليه أن الحمل على الحقيقة هو الراجح لا سيما في قراءة حمزة والكسائي أو لمستم إذ لم يشتهر اللمس في الجماع كالملامسة ورجح بعضهم الحمل على الجماع في القراءتين ترجيحا للمجاز والمشهور وعملا بهما إذ لا منافاة وهو الأوفق بمذهبنا وقال بعض المحققين : إن المتجه أن الملامسة حقيقة في تماس البدنين بشئ من أجزائهما من غير تقييد باليد وعلى هذا فالجماع من أفراد مسمى الحقيقة فيتناوله اللفظ حقيقة وإنما يكون مجازا لو اقتصر على إرادته باللفظ وادعى الجلال المحلى أن الملامسة حقيقة في الجس باليد تمثيلا للملامسة بنوع من أنواعها لا تفسيرا لها بذكر كمال معناها الحقيقي كما بينه الكمال ابن أبي شريف فليفهم ثم إن نظم هذين الأمرين في سلك سببي سقوط الطهارة والمصير إلى التيمم مع كونهما سببي وجوبهما ليس باعتبار أنفسهما بل باعتبار قيدهما المستفاد من قوله سبحانه : فلم تجدوا ماء بل هو السبب في الحقيقة وإنما ذكرا تمهيدا له وتنبيها على أنه سبب للرخصة بعد انعقاد سبب الطهارة بقسميها كأنه قيل : أو لم تكونوا مرضى أو مسافرين بل كنتم فاقدين للماء بسبب من الأسباب مع تحقق ما يوجب استعماله من الحدث الأصغر أو الأكبر .
قيل : وتخصيص ذكره بهذه الصورة مع أنه معتبر أيضا في صورة المرض والسفر لندرة وقوعه فيها واستغنائهما عن ذكره لأن الجنابة معتبرة فيهما قطعا فيعلم من حكمها حكم الحدث الأصغر بدلالة النص لأن تقدير النظم لا تقربوا الصلاة في حالة الجنابة إلا كونكم مسافرين فإن كنتم كذلك أو كنتم مرضى إلخ وقيل : إن هذا القيد راجع للكل وقيد وجوب التطهر المكنى عنه بالمجئ من الغائط والملامسة معتبر فيه أيضا واعترض بأن النظم الكريم لا يساعده وفي الكشف عن بعضهم أن في الآية تقديما وتأخيرا والتقدير لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى ولا جنبا ولا جائيا أحد منكم من الغائط أو لامسا 3 يعني ولا محدثين ثم قيل : وإن كنتم مرضى أو على سفر فتيمموا وفيه الفصل بين الشرط والجزاء والمعطوف والمعطوف عليه من غير نكتة ثم قال بعد أن نقل ما اعترضه : ولعل الأوجه في تقرير الآية والله تعالى أعلم أن يجعل عدم الوجدان عبارة عن عدم القدرة على استعمال