رد على من أنكر من المالكية بعث الحكمين في الزوجين وقال : تخرج المرأة إلى دار أمين أو يسكن معها أمين واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا كلام مبتدأ مسوق للإرشاد إلى خلال مشتملة على معالي الأمور إثر إرشاد كل من الزوجين إلى المعاملة الحسنة وإزالة الخصومة والخشونة إذا وقعت في البين وفيه تأكيد لرعاية حق الزوجية وتعليم المعاملة مع أصناف الناس وقدم الأمر بما يتعلق بحقوق الله تعالى لأنها المدار الأعظم وفي ذلك إيماء أيضا إلى ارتفاع شأن ما نظم في ذلك السلك والعبادة أقصى غاية الخضوع و شيئا إما مفعول به أي لا تشركوا به شيئا من الأشياء صنما كان أو غيره فالتنوين للتعميم .
واختار عصام الدين كونه للتحقير ليكون فيه توبيخ عظيم أي لا تشركوا به شيئا حقيرا مع عدم تناهي كبريائه إذ كل شئ في جنب عظمته سبحانه أحقر حقير ونسب الممكن إلى الواجب أبعد من نسبة المعدوم إلى الموجود إذ المعدوم إمكان الموجود وأين الإمكان من الوجوب ضدان مفترقان أي تفرق وإما مصدر أي لا تشركوا به عز شأنه من الإشراك جليا أو خفيا وعطف النهي عن الإشراك على الأمر بالعبادة مع أن الكف عن الإشراك لازم للعبادة بذلك التفسير إذ لا يتصور غاية الخضوع لمن له شريك ضرورة أن الخضوع لمن لا شريك له فوق الخضوع لمن له شريك للنهي عن الإشراك فيما جعله الشرع علامة نهاية الخضوع أو للتوبيخ بغاية الجهل حيث لا يدركون هذا اللزوم كذا قيل : ولعل الأوضح أن يقال : إن هذا النهي إشارة إلى الأمر بالإخلاص فكأنه قيل : واعبدوا الله مخلصين له ويؤل ذلك كما أومأ إليه الإمام إلى أن سبحانه أمر أولا بما يشمل التوحيد وغيره من أعمال القلب والجوارح ثم أردفه بما يفهم منه التوحيد الذي لا يقبل الله تعالى عملا بدونه فالعطف من قبيل عطف الخاص على العام وبالوالدين إحسنا أي وأحسنوا بهما إحسانا فالجار متعلق بالفعل المقدر وجوز تعلقه بالمصدر وقدم للاهتمام وأحسن يتعدى بالباء وإلى واللام وقيل : إنما يتعدى بالباء إذا تضمن معنى العطف .
والإحسان المأمور به أن يقوم بخدمتهما ولا يرفع صوته عليهما ولا يخشن في الكلام معهما ويسعى في تحصيل مطالبهما والإنفاق عليهما بقدر القدرة وسيأتي إن شاء الله تعالى تتمة الكلام فيما يتعلق بهما .
وبذي القربى أي بصاحب القرابة من أخ وعو وخال وأولاد كل نحو ذلك وأعيد الباء هنا ولم يعد في البقرة قال في البحر : لأن هذا توصية لهذه الأمة فاعتني به وأكد وذلك في بني إسرائيل .
واليتمى والمسكين من الأجانب والجار ذي القربى أي الذي قرب جواره والجار الجنب أي البعيد من الجنابة ضد القرابة وهي على هذا مكانية ويحتمل أن يراد بالجار ذي القربى من له مع الجوار قرب واتصال بنسب أو دين وبالجار الجنب الذي لا قرابة له أو مشركا أخرج أبو نعيم والبزار من حديث جابر بن عبدالله وفيه ضعف قال : قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم : الجيران ثلاثة : فجار له ثلاثة حقوق : حق الجوار وحق القرابة وحق الإسلام وجار له حقان : حق الجوار وحق الإسلام وجار له حق واحد : حق الجوار وهو المشرك من أهل الكتاب وأخرج البخاري في الأدب عن عبدالله بن عمر أنه ذبحت له شاة فجعل يقول لغلامه : أهديت لجارنا اليهودي أهديت لجارنا اليهودي سمعت رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم يقول : ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أن سيورثه