أيضرب أحدكم امرأته كما يضرب العبد ثم يجامعها في آخر اليوم وأخرج عبدالرزاق عن عائشة رضي الله تعالى عنها بلفظ أما يستحي أحدكم أن يضرب امرأته كما يضرب العبد يضربها أول النهار ثم يجامعها آخره وللخبر محمل آخر لا يخفى فإن أطعنكم أي وافقنكم وانقدن لما أوجب الله تعالى عليهن من طاعتكم بذلك كما هو الظاهر فلا تبغوا عليهن سبيلا أي فلا تطلبوا سبيلا وطريقا إلى التعدي عليهن أو لا تظلموهن بطريق من الطرق بالتوبيخ اللساني والأذى الفعلي وغيره واجعلوا ما كان منهن كأن لم يكن فالبغي إما بمعنى الطلب و سبيلا مفعوله والجار متعلق به أو صفة النكرة قدم عليها وإما بمعنى الظلم و سبيلا منصوب بنزع الخافض وعن سفيان بن عيينة أن المراد فلا تكلفوهن المحبة وحاصل المعنى إذا استقام لكم ظاهرهن فلا تعتلوا عليهن بما في باطنهن إن الله كان عليا كبيرا .
34 .
- فاحذروه فإن قدرته سبحانه عليكم أعظم من قدرتكم على من تحت أيديكم منهن أو أنه تعالى على علو شأنه وكمال ذاته يتجاوز هن سيئاتكم ويتوب عليكم إذا تبتم فتجاوزوا أنتم عن سيئات أزواجكم واعفوا عنهن إذا تبن أو أنه تعالى قادر على الإنتقام منكم غير راض بظلم أحد أو أنه سبحانه مع علوه المطلق وكبريائه لم يكلفكم إلا ما تطيقون فكذلك لا تكلفوهن إلا ما يطقن وإن خفتم الخطاب كما قال ابن جبير والضحاك وغيرهما للحكام وهو وارد على بناء الأمر على التقدير المسكوت عنه للإيذان أن ذلك مما ليس ينبغي أن يفرض تحققه أعني عدم الإطاعة وقيل : لأهل الزوجين أو للزوجين أنفسهما وروي ذلك عن السدي والمراد فإن علمتم كما قال ابن عباس أو فإن ظننتم كما قيل شقاق بينهما أي الزوجين وهما وإن لم يجر ذكرهما صريحا فقد جرى ضمنا لدلالة النشوز الذي هو عصيان المرأة زوجها والرجال والنساء عليهما والشقاق الخلاف والعداوة واشتقاقه من الشق وهو الجانب لأن كلا من المتخالفين في شق غير شق الآخر و بين من الظرفية المكانية التي يقل تصرفها وإضافة الشقاق إليها إما لإجراء الظرف مجرى المفعول كما في قوله : .
يا سارق الليلة أهل الدار .
أو الفاعل كقولهم صام نهاره والأصل شقاقا بينهما أي لم يخالف أحدهما الآخر فللملابسة بين الظرف والمظروف نزل منزلة الفاعل أو المفعول وشبه أحدهما ثو عومل معاملته في الإضافة إليه وقيل : الإضافة بمعنى في وقيل : إن بين هنا بمعنى الوصل الكائن بين الزوجين أعني المعاشرة وهو ليس بظرف وإلى ذلك يشير كلام أبي البقاء ولم يرتض ذلك المحققون .
فابعثوا أي وجهوا وأرسلوا إلى الزوجين لإصلاح ذات البين حكما أي رجلا عدلا عارفا حسن السياسة والنظر في حصول المصلحة من أهله أي الزوج و من إما متعلق بابعثوا فهو لابتداء الغاية وإما بمحذوف وقع صفة للنكرة فهي للتبعيض وحكما آخر على صفة الأول من أهلها أي الزوجة وخص الأهل لأنهم أطلب للصلاح وأعرف بباطن الحال وتسكن إليهم النفس فيطلعون على ما في ضمير كل من حب وبغض وإرادة وصحبة أو فرقة وهذا على وجه الاستحباب وإن نصبا من الأجانب جاز واختلف في أنهما هل يليان الجمع والتفريق إن رأيا ذلك فقيل : لهما وهو المروي عن علي كرم الله وجهه وابن عباس رضي الله تعالى عنهما وإحدى الروايتين عن ابن جبير وبه قال الشعبي فقد أخرج الشافعي في الإمام والبيهقي