قضاء إبن الزبير وتلا الأية وقال الشافعي عليه الرحمة على ما نقله أصحابنا عنه لا يثبت التحريم إلا بخمس رضعات مشبعات في خمسة أوقات متفاصلة عرفا وعن أحمد روايتان كقولنا وكقوله وأستدل على ذلك بما أخرجه إبن حبان في صحيحه من حديث الزبير أنه قال : قال صلى الله تعالى عليه وسلم : لا تحرم المصة والمصتان ولا الإملاجة والإملاجتان ووجه الإستدلال بذلك بأن المصة داخلة في المصتين والإملاجة في الإملاجتين فحاصله لا تحرم المصتان ولا الإملاجتان فنفي التحريم على أربع فلزم أن يثبت بخمس .
وأعترضه إبن الهمام بأنه ليس بشيء أما أولا فلأن مذهب الشافعي ليس التحريم بخمس مصات بل بخمس شبعات في أوقات وأما ثانيا فلأن المصة فعل الرضيع والإملاجة إلا رضاعة فعل المرضعة فحاصل المعنى أنه صلى الله تعالى عليه وسلم نفى كون الفعلين محرمين منه ومنها ثم حقق أن ما في هذه الرواية لا ينبغي أن يكون حديثا واحدا بأن الإملاج ليس حقيقة المحرم بل لازمه من الإرتضاع فنفى تحريم الإملاج نفي تحريم لازمه فليس الحاصل من لا تحرم الإملاجتان إلا لايحرم لازمهما أعني المصتين فلو جمعا في حديث كان الحاصل لا تحرم المصتان ولا المصتان فلزم أن لا يصح أن يراد إلا المصتان لا الأربع وعلى هذا يجب كون الراوي وهو الزبير رضي الله تعالى عنهأراد أن يجمع بين ألفاظه صلى الله تعالى عليه وسلم التي سمعها منه في وقتين كأنه قال : قال رسول الله : لا تحرم المصة والمصتان وقال أيضا : لا تحرم الإملاجة والإملاجتان .
وقيل : في وجه الإستدلال طريق آخر وهو أن الحديث ناف لماذهب إليه الإمام الأعظم رضي الله تعالى عنه فيثبت به مذهب الإمام الشافعي C تعالى لعدم القائل بالفصل وأعترض بأن القائل بالفصل أبو ثور وإبن المنذر وداؤد وأبو عبيد وهؤلاء أئمة الحديث قالوا : المحرم ثلاث رضعات والقول بعدم إعتبار قولهم في حيز المنع لقوة وجهه بالنسبة إلى وجه قول الشافعي .
وأستدل بعض أصحابه على هذا المطلب بما رواه مسلم عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت : كان فيما نزل من القرآن عشر رضعات معلومات يحرمن ثم نسخن بخمس رضعات معلومات يحرمن فتوفي النبي وهي فيما يقرأ من القرآن وفي رواية أنه كان في صحيفة تحت سريري فلما مات رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم تشاغلنا بموته فدخلت دواجن فأكلتها وبما روى عن عائشة أيضا قالت : جاءت سهلة بنت سهيل أمرأة أبي حذيفة إلى النبي فقالت : يارسول الله إني أرى في وجه أبي حذيفة من دخول سالم وهو حليفه فقال : أرضعي سالما خمسا تحرمي بها عليه والجواب أن جميع ذلك منسوخ كما صرح بذلك إبن عباس فيما مر .
ويدل على نسخ ما في خبر عائشة الأول أنه لو لم يكن منسوخا لزم ضياع بعض القرآن الذي لم ينسخ والله تعالى قد تكفل بحفظه وما في الرواية لا ينافي النسخ لجواز أن يقال : إنها رضي الله تعالى عنها أرادت أنه كان مكتوبا ولم يغسل بعد للقرب حتى دخلت الدواجن فأكلته والقول بأن ما ذكر إنما يلزم منه نسخ التلاوة فيجوز أن تكون التلاوة منسوخة مع بقاء الحكمكالشيخ والشيخة إذا زنيا فأرجموهماليس بشيء لأن إدعاء بقاء حكم الدال بعد نسخه يحتاج إلى دليل وإلا فالأصل أن نسخ الدال يرفع حكمه وما نظر به لولا ما علم بالسنة والإجماع لم يثبت به ثم الذي نجزم به في حديث سهلة أنه صلى الله تعالى عليه وسلم لم يرد أن يشبع سالما خمس رضعات في خمسة أوقات متفاصلات جائعا لأن الرجل لا يشبعه من اللبن رطل ولا رطلان فأين تجد الآدمية في ثديها