ولا إما ناهية على ما قيل والفعل مجزوم بها والجملة مستأنفةكما قال أبو البقاءأو معطوفة على الجملة التي قبلها بناءا على جواز عطف جملة النهي على جملة خبرية كما نسب إلى سيبويه أو بناءا على أن الجملة الأولى في معنى النهي إذ معناها لا ترثوا النساء كرها فإنه غير حلال لكم وإما نافية مزيدة لتأكيد النفي والفعل منصوب بالعطف على ترثوا كأنه قيل : لا يحل ميراث النساء كرها ولا عضلهن ويويد ذلك قراءة إبن مسعود ولا أن تعضلوهنوأما جعل لا نافية غير مزيدة والفعل معطوف على المنصوب قبلهفقد رده بعضهم بأنه إذا عطف فعل منفيبلاعلى مثبت وكانا منصوبين فالقلعدة أن الناصب يقدر بعد حرف العطف لا بعد لا ولو قدرته هنا بعد العاطف على ذلك التقدير فسد المعنى كما لا يخفى والخطاب في المتعاطفين إما للورثة غير الأزواج فقد كانوا يمنعون المرأة المتوفي عنها زوجها من التزوج لتفتدي بما ورثت من زوجها أو تعطيهم صداقا أخذته كما كانوا يرثونهن كرها و المرادبما آتيموهنعلى هذا ما أتاه جنسكم وإلا لم يلتئم الكلام لأن الورثة ما آتوهن شيئا و إما للأزواج فإنهم كما كانوا يفعلون ما تقدم كانوا يمسكون النساء من غير حاجة لهم إليهن فيضاروهن ويضيقوا عليهن ليذهبوا ببعض ما آتوهن بأن يختلعن بمهورهن وإلى هذا ذهب الكثير من المفسرينوهو المروى عن أبي جعفر رضي الله تعالى عنه والإلتئام عليه ظاهر و جوز أن يكون الخطاب الأول للورثة وهذا الخطاب للأزواج والكلام قد تم بقوله سبحانه : كرها فلا يرد عليه بعد تسليم القاعدة أنه لا يخاطب في كلام واحد إثنان من غير نداء فلا يقال : قم وأقعد خطابا لزيد وعمرو بل يقال : قم يازيد و أقعد ياعمرو وقيل : هذا خطاب للأزواج ولكن بعد مفارقتهم منكوحاتهم فقد أخرج إبن جرير عن إبن زيد قال : كانت قريش بمكة ينكح الرجل منهم المرأة الشريفة فلعلها ما توافقه فيفارقها على أن لا تتزوج إلا بإذنه فيأتي بالشهود فيكتب ذلك عليها فإذا خطبها خاطب فإن أعطته وأرضته أذن لها وإلا عضلها .
والمراد من قوله سبحانه : لتذهبوا إلخ أن يدفعن إليكم بعض ما آتيموهن وتأخذوه منهن وإنما لم يتعرض لفعلهن لكونه لصدوره عن إضطرار منهن بمنزلة العدم وعبر عن ذلك بالذهاب به لا بالأخذ والإذهاب للمبالغة في تقبيحه ببيان تضمنه لأمرين كل منهما محظور شنيع الأخذ والإذهاب لأنه عبارة عن الذهاب مصطحبا به وذكر البعضليعلم منه أن الذهاب بالكل أشنع شنيع إلا أن يأتين بفاحشة مبينة على صيغة الفاعل من بين اللازم بمعنى تبين أو المتعدي والمفعول محذوف أي مبينة حال صاحبها .
وقرأ إبن كثير وأبو بكر عن عاصم مبينة على صيغة المفعول وعن إبن عباس أنه قرأ مبينة على صيغة الفاعل من أبان اللازم بمعنى تبين أو المتعدي والمراد بالفاحشة هنا النشوز وسوء الخلققاله قتادة والضحاكوإبن عباس وآخرونويؤيده قراءة أبي إلا أن يفحشن عليكم وفي الدر المنثور نسبة هذه القراءةلكن بدون عليكمإلى أبي وإبن مسعود وأخرج إبن جرير عن الحسن أن المراد بها الزنا .
وحكى ذلك عن أبي قلابة وإبن سيرين والإستثناء قيل : منقطع وقيل : متصل وهو منظرف زمان عام أي لا تعضلوهن في وقت من الأوقات إلا وقت إيتائهن إلخ أو من حال عامة أي في حال من الأحوال إلا في هذه الحال أو من علة عامة أي لا تعضلوهن لعلة من العلل إلا لإيتائهن ولا يأبى هذا ذكر العلة المخصوصة لجواز أن يكون المراد العموم أي للذهاب وغيره وذكر فرد منه لنكتة أو لأن العلة المذكورة غائية والعامة المقدرة باعثة عل ىالفعل متقدمة عليه في الوجود وفي الآية إباحة الخلع عند النشوز لقيام العذر بوجود السبب من جهتهن