أصحابها سفهاء قاله شيخ الإسلاموهو ظاهر على تقدير أن يراد من السفهاء المبذرين بالفعل من اليتامى وأما على تقدير أن يراد بهم اليتامى مطلقا ووصفهم بالسفه بإعتبار ما أشير إليه فيما مر ففيه نوع خفاء وقيل : إن هذا رجوع إلى بيان الأحكام المتعلقة بأموال اليتامى لا شروع وهو مبني على أن ما تقدم كان مذكورا على سبيل الإستطراد والخطاب للأولياء والإبتلاء الإختبار أيوأختبروا من عندكم من اليتامى بتتبع أحوالهم في الإهتداء إلى ضبط الأموال وحسن التصرف فيها وجربوهم بما يليق بحالهم والإقتصار على هذا الإهتداء رأي أب يحنيفة رضي الله تعالى عنه والشافعي C تعالى يعتبر مع هذا أيضا الصلاح في الدين وإلى ذلك ذهب إبن جبير ونسب إلى إبن عباس والحسن .
وأتفق الإمامان رضي الله تعالى عنهما على أن هذا الإختبار قبل البلوغ وظاهر الكلام يشهد لهما لما تدل عليه الغاية وقال الإمام مالك : إنه بعد البلوغ وفرع الإمام الأعظم على كون الإختبار قبل أن تصرفات العاقل المميز بإذن الولي صحيحة لأن ذلك الإختبار إنما يحصل إذا أذن له في البيع والشراء مثلا وقال الشافعي : الإختبار لا يقتضي الإذن في التصرف لأنه يتوقف على دفع المال إلى اليتيموهو موقوف على الشرطينوهما إنما يتحققان بعد بل يكون بدونه على حسب ما يليق بالحال فولد التاجر مثلا يختبر في البيع والشراء إلى حيث يتوقف الأمر على العقد وحينئذ يعقد الولي إن أراد وعلى هذا القياس حتى إذا بلغوا النكاح أي إذا بلغوا حد البلوغ وهو إما بالإحتلام أو بالسنوهو خمس عشرة سنةعند الشافعي وأبي يوسف ومحمد وهي رواية عن أبي حنيفةوعليها الفتوى عند الحنفية لما أن العادة الفاشية أن الغلام والجارية يصلحان للنكاح وثمرته في هذه المدة ولا يتأخران عنها والإستدلال بما أخرجه البيهقي في الخلافيات من حديث أنس إذا أستكمل المولود خمس عشرة سنة كتب ماله وما عليه وأقيمت عليه الحدودضعيف لأن البيهقي نفسه صرح بأن إسناد الحديث ضعيف وشاع عن الإمام الأعظم أن السن للغلام تمام ثماني عشرة سنة وولجارية تمام سبع عشرة سنةوله في ذلك قوله تعالى : حتى يبلغ أشده وأشد الصبي ثماني عشرة سنةهكذا قاله إبن عباسوتابعه القتبي وهذا أقل ما قيل فيه فيبني الحكم عليه للتيقن غير أن الإناث نشؤهن وإدراكهن أسرع فنقصنا في حقهن سنة لإشتمالها على الفصول الأربعة التي يوافق واحد منها المزاج لا محالة وعنه في الغلام تسع عشرة سنة والمراد أن يطعن في التاسعة عشرة ويتم له ثماني عشرة وقيل : فيه إختلاف الرواية لذكر حتى يستكمل تسع عشرة سنة .
وشاع عن الإمام الشافعي أنه قد جعل الإنبات دليلا على البلوغ في المشركين خاصة وشنع إبن حزم الضال عليه والذي ذكره الشافعية أنه إذا أسر مراهق ولم يعلم أنه بالغ فيفعل فيه ما يفعل بالبالغين من قتل ومن وفداء بأسرى منا أو مال وإسترقاق أو غير بالغ فيفعل فيه ما يفعل بالصبيان من الرق يكشف عن سوأته فإن أنبت فله حكم الرجال وإلا فلا وإنما يفعل به ذلك لأنه لا يخبر المسلمين ببلوغه خوفا من القتل بخلاف المسلم فإنه لا يحتاج إلى معرفة بلوغه بذلك ولا يخفى أن هذا لا يصلح محلا للتشنيع وغاية ما فيه أنه جعل الإنبات سببا لإجرء أحكام الرجال عليه في هذه المسألة لعدم السبيل إلى معرفة البلوغ فيها وصلاحيته لأن يكون أمارة في الجملة لذلك ظاهرة وأما أن فيه أن الإنبات أحد أدلة البلوغ مثل الإحتلام والإحبال والحيض والحبل